حصلت وكالة الأخبار المستقلة على معلومات عن العملية المشتركة بين قوات من الدرك وأخرى من البحرية في المياه الإقليمية الموريتانية، وأسفرت عن توقيف سفينة تحمل 1.2 طن من المخدرات، ومصادرة حمولتها، وهي أكبر شحنة من الكوكايين يعلن عن ضبطها في موريتانيا منذ عدة عقود.
وتعتبر هذه هي أكبر شحنة من الكوكايين يعلن عن توقيفها داخل الأراضي الموريتانية، حيث إنها تفوق بالضعف أكبر شحنة مسجلة، والتي تعود لحمولة الطائرة التي حطت في مطار نواذيبو مايو 2007، قبل أن تقلع منه وتحط في منطقة صحراوية على بعد 125 كلم من المدينة، والتي كانت في حدود 600 كلغ من الكوكايين.
كما أن الشحنة التي تم توقيفها دفعة واحدة في المياه الإقليمية الموريتانية تتجاوز بنحو الثلث مجموع ما تمت مصادرته خلال العام المنصرم (2022) في منطقة الساحل كلها، وفقا لتقرير صدر الاثنين الماضي عن مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، حيث كشف عن ضبط 863 كيلوغراما من الكوكايين في منطقة الساحل.
وأوضح التقرير الذي نشر بالعاصمة النيجرية نيامي، أن هذه الكمية ضبطت في كل من بوركينافاسو "488 كيلوغراما"، ومالي "160 كيلوغراما"، والنيجر "215 كيلوغراما".
وتم توقيف الباخرة التي تحمل شحنة الكوكايين يوم 18 يونيو المنصرم، فيما وصلت ميناء نواكشوط المستقل يوم 21 يونيو، وأصدرت النيابة العامة في ولاية نواكشوط الغربية بيانا حول الحادثة مساء 23 يونيو، فيما نشر الجيش بيانا حول القضية يوم 24 يونيو، وحوله إلى مقطع فيديو نشره على صفحته في فيسبوك يوم 26 يونيو المنصرم.
ورغم صدور هذين البيانين الرسميين عن العملية، إلا أن أسئلة عديدة ظلت عالقة، ومنها الجهة التي قدمت منها الشحنة؟ وكذا وجهتها النهائية؟ وهل كانت موجهة للداخل الموريتاني أم كانت في طريقها لوجهة أخرى؟ وكم عدد الموقوفين؟ وما هي جنسياتهم؟
محطات متعددة
مصادر وكالة الأخبار أكدت أن السفينة وصلت إلى المياه الإقليمية الموريتانية قادمة من مصر، حيث مرت في طريقها بالمياه الإقليمية التونسية، ثم المغربية، ولم تكن خلال هذا المسار تحمل شحنة المخدرات، وإنما كانت في طريقها لاستلامها.
وأضافت المصادر أن السفينة كانت تحمل على متنها طاقما مختلطا من جنسيات إفريقية مختلفة، وإن الطاقم تسلم الشحنة من سفينة أخرى في المياه الدولية، وذلك بعد انتظار لعدة أيام في المياه الإقليمية الموريتانية، وبعد تسلم الشحنة عادت السفينة للمياه الموريتانية مجددا.
معلومة أمريكية
المصادر، أكدت أن السلطات الأمنية الموريتانية تلقت معلومات حول السفينة التي تحمل كمية المخدرات، من "مكتب الكحول والتبغ والأسلحة النارية والمتفجرات" (ATF) الأمريكي، حيث قدم العديد من التفاصيل التي أفادت الأمن الموريتاني في تتبعه للسفينة.
وأضافت المصادر أن السلطات الموريتانية أوكلت مهمة متابعة السفينة داخل المياه الإقليمية الموريتانية إلى البحرية الموريتانية، فيما استلم الدرك الموريتاني الشحنة والموقوفين على متن السفينة فور وصولها ميناء نواكشوط المستقل، وباشر المتابعة والتحقيق.
وقد تمكنت البحرية الموريتانية من توقيف السفينة "بعد أيام من المتابعة.. وذلك في أقصى الجهة الشمالية الغربية من المنطقة الاقتصادية الخالصة لموريتانيا"، وفق بيان صادر عن الجيش، فيما أكد أن ذلك تم "بتنسيق تام مع الجمارك الوطنية".
فيما وصف الجيش في بيانه سحب السفينة المحملة بالمخدرات إلى ميناء نواكشوط بعد توقيف طاقمها بأنه "تم في ظروف مناخية بالغة الصعوبة".
تحقيقات متواصلة
المصادر التي تحدثت لوكالة الأخبار أكدت أن الأمن أوقف أكثر من 10 أشخاص على الأقل غالبيتهم من جنسيات إفريقية، فيما أوقف موريتانيين اثنين على الأقل كان أحدهما قد دخل في مفاوضات مع الجهات المشرفة على تهريب الشحنة من أجل شراء سفينة بديلة للسفينة التي تحمل الشحنة.
وأكدت هذه المصادر أن سبب مفاوضات المشرفين على الشحنة للحصول على سفينة بديلة، هو الخلاف الذي دب مع فريق السفينة التي تحمل الشحنة، وخصوصا القبطان، وهو ما أثر على خطط المجموعة.
وأردفت أن التحقيقات ما تزال متواصلة، وقد تقود لاحقا لتوقيف المزيد من الأشخاص.
مصادر الأخبار أكدت أن التحقيقات الأولية تؤشر إلى أن موريتانيا لم تكن وجهة شحنة المخدرات، وإنما كانت مجرد محطة من محطاتها، حيث كان متوقعا أن تواصل رحلتها باتجاه إحدى دول الغرب الإفريقي.
ورأت المصادر أن الخلاف الذي ثار في الأيام الأخيرة بين طاقم السفينة، والجهات المشرفة على عملية التهريب، كان له تأثير بالغ على أجندات الرحلة، ووصل درجة دفعت الجهات المشرفة للبحث عن سفينة بديلة، وأخر مواصلة الرحلة نحو وجهتها القادمة.
وعرفت موريتانيا خلال العقدين الأخيرين العديد من عمليات حجز المخدرات، وإفشال عمليات التهريب، وأوقف على ذمتها عدد من المتهمين، لكن كل الملفات كان تنتهي دون محاكمة، أو حين تتم المحاكمة يتم إخراج المتهمين في ظروف غامضة، أحيانا بعفو رئاسي، وأحيانا بتسويات غير معلنة.