لم تكن مشاركة سوريا في القمة العربية الأخيرة بالسعودية شأنا عربيا فحسب، بل امتدت تبعات الحدث إلى دولة الاحتلال التي زعمت أن الدول العربية ارتكبت مخالفات أخلاقية غير مسبوقة، واتهمت المجتمع الدولي بغض الطرف عن مسؤولية الأسد في قتل مئات آلاف المدنيين. وفيما هناك من يعتقد أن حرية الاحتلال في العمل بسوريا ستتضرر بعد هذا التطور، فإن مسؤولا كبيرا أعلن أنه لن يؤثر على الهجمات العسكرية.
إيتمار آيخنر المراسل السياسي لصحيفة يديعوت أحرونوت، أكد أن "إسرائيل تتابع عودة سوريا للجامعة العربية باهتمام كبير، حيث جرت مؤخراً مناقشات حولها داخل أجهزتها الأمنية، وقال وزير الحرب يوآف غالانت لقيادة الجيش إن ترحيب الجامعة العربية بأذرع مفتوحة بعودة سوريا يعتبر تدنّيا أخلاقيا غير مسبوق، لأن رئيسها يتحمل مسؤولية قتل مئات آلاف المدنيين، معظمها بطريقة متعمّدة من خلال الضربات الجوية والمدفعية على التجمعات السكانية والمستشفيات وطوابير توزيع المواد الغذائية ومراكز المساعدات".
وأضاف في تقرير ترجمته "عربي21" أن "عودة سوريا للجامعة العربية جاء عقب تجديد العلاقات السعودية الإيرانية، وتقاربها مع تركيا، لكن مسؤولين إسرائيليين كبارا يعتقدون أن هذه التطورات ليست بالضرورة سلبية، لأنه من المبكر جدًا تقييم أهميتها، كما أن الاتفاق الإيراني السعودي يركز على حرب اليمن، وإسرائيل مصلحتها واضحة بعدم تصعيدها، وعدم تحول اليمن لمصدر عداء آخر تجاهها، لكن السؤال يتعلق باتجاه الأسد بعد إعادته زعيما شرعيا، حول تقليص اعتماده على إيران وحزب الله، حينها سيكون تطورا إيجابيا لإسرائيل".
وأشار إلى أن "هناك من يعتقد في إسرائيل أن عودة سوريا للجامعة العربية لا تهمّها كثيراً، لأنها أصبحت غير ذات صلة، في حين أن عودتها قد تجعل الأمر صعبًا على إسرائيل على المدى الطويل، وتضرّ بحرية عملها في سوريا. والتقدير في تل أبيب أن هذا تطور سيئ على المدى القصير والمتوسط، لأن عودة الأسد تخرجه من عزلته، وتجعل أي هجوم إسرائيلي عليه أقل شرعية، وصولا لفقدان الشرعية بالكامل في العالم العربي بأسره، وحينها سيقف في وجهها".
وأوضح أن "عودة سوريا للجامعة العربية مرتبطة بالإجابة عن سؤال: لأي مدى سيكون الأسد مستعدا لمواصلة كونه منصة لنقل أنظمة الأسلحة الإيرانية إلى لبنان؟ ويبدو الآن أن هذا ما يواصل فعله، وحينها سيتعين على إسرائيل أن تستمر بمهاجمتها في ظل ظروف أقل مواتاة لها، وقد بعثت برسائل واضحة للمجتمع الدولي مفادها أن شرعية سوريا مرة أخرى بين العالم العربي لن تمنعها من الهجوم أينما كان الخطر عليها، فيما زعم مسؤول إسرائيلي كبير أن هذا التطور لن يؤثر على تصرفاتها ضمن استراتيجية ’المعركة بين الحروب‘ ".
وقبل مشاركة سوريا في القمة العربية في جدّة، فقد تابعت الأوساط السياسية والدبلوماسية الإسرائيلية سلسلة الزيارات المكوكية التي تشهدها العاصمة السورية في الآونة الأخيرة، والجهود الإقليمية التي تحاول إعادتها للعالم العربي، بهدف إنهاء الحرب الداخلية، والحدّ من الوجود الإيراني فيها، وسط تقدير إسرائيلي مفاده أن الأسد يسعى للاستفادة من الشرعية المتجددة، لكنه لا يلتزم بأي عمل مقابلها، وبالتالي فكلما زادت هذه العملية ازداد الضغط على إسرائيل.