كشف الكاتب الصحفي و المدون المشهور أحمد سالم ولد التباخ عبر حسابه على الفيس بوك بعضا من تفاصيل وملابسات العملية الامنية التي وقعت بين فرقة من الدرك الوطني ومجموعة الارهابيين الاربعة الفارين من السجن المركزي بقلب العاصمة انواكشوك بقرية لمصيدي التابعة لمقاطعة اوجفت بولاية آدرار شمال البلاد .
العميد أحمد سالم ولد التباخ كتب مايلي :
تفاصيل عملية "لمصيدي" حيث قتل ثلاثة ارهابيين واعتقل الرابع، بينما ارتقى الدركي البطل "المصفى ولد الخضير ول عَبيد" شهيدا:
1 - في البداية لا بد لي من توضيح مسألة مهمة وهي تلك المتعلقة بوجود الطيران الحربي ومشاركته في تلك العملية،
2 - حقيقة اقتصر دور الطيران على العمل الاستخباراتي والاستطلاع فقط لأن الالتحام المباشر بين المقاتلين على الأرض أدى الى تحييد الطيران،
3 - حين يحدث الالتحام بين الوحدات البرية فإن الطيران الحربي يخرج من المعركة بسبب القرب الشديد بين القوات على الأرض فلا يستطيع تمييز العدو من الصديق، وهذا هو ما جرى في عملية "لمصيدي" تماما،
4 - حين وصلت دورية الدرك الوطني لميدان المعركة شعر افرادها (كما ذكروا لاحقا) أنها ستكون معركة فاصلة ومريرة، وأن نسبة النجاة فيها تقارب الصفر، لكن قرارهم الوحيد كان الالتحام والقتال حتى آخر طلقة وآخر نفَس،
5 - سنركز هنا على دور الشهيد البطل "ولد عَبيد" الذي كان هو من قتل الارهابي السالك والتحم معه في قتال مرير تداخلت فيه الشجاعة مع البراعة ثم الكفاءة والتضحية والفداء،
6 - لاحظ الشهيد أن عدوه في موقع أفضل من الناحية القتالية لذا قرر ان يمارس معه ما يعرف عسكريا ب "استقطاب الخصم" ويعني ان تستدرج عدوك الى ارض او بيئة او موضع معركة ملائم لك وليس له،
7 - لقد نجح في ذلك بنسبة خمسين٪ ولكي يغطي النسبة المتبقية قام بإستخدام بعض الحركات الخداعية (تدرب عليها في مدرسة الدرك بروصو) فأصبحت المعركة متكافئة تماما بين الاثنين،
8 - مع بدء تبادل الرشقات بين الاثنين اتضح على الفور مدى الفارق الكبير في التفكير والاداء بين فَرْدِ تشكيل عصابي او مجرد ارهابي اشبه ما يكون بقاتل مأجور وبين جندي مقاتل مدرب ومؤهل جيدا لخوض الحروب بنوعيها النظامي وحرب العصابات،
9 - اصيب الارهابي "السالك" اولا في صدره وكتفه الأيمن وبدأ ينزف بشدة، وقبل ان يجهز عليه البطل فوجىء الاخير بدعم غير متوقع يحصل عليه الارهابي، ويتعلق الأمر باحد الارهابيين الآخرين حيث اطلق باتجاه بطلنا نحو نصف خزانة من رصاصه ثم حاول التدخل لسحب زميله المصاب،
10 - أصيب بطلنا اصابات بالغة، لكنه حتى وهو يعلم انه في طريقه للشهادة لم يشل تفكيره ولم يتوقف عن القتال ولو لحظة،
11 - تظاهر بأنه استشهد فعلا، وهو ما التقطه العدو فتحرك ليحتل موقعه ويستولى على سلاحه،
12 - هنا ايضا عاد البطل ليؤكد الفارق الشاسع بين المقاتل والارهابي فقد أدخل خصمه في ما يعرف عسكريا بالمسطرة المتدرجة ليصب عليه وابلا من رصاصات بندقيته فيرديه قتيلا ثم يجهز على الارهابي الآخر فيرسله الى الحياة الأخرى قبل ان يرتقي هو شهيدا،
-------------ذ
13 - كل عناصر الدرك الذين شاركوا في هذه العملية كانوا ابطالا فقد ذهبوا الى معركة يعلم كل واحد منهم أنها قد تكون الأخيرة بالنسبة له، لكن احدا منهم لم يجبن ولم يعتذر ولم يتحجج بالمرض او التعب او حجج وأعذار (مثل حجج وأعذار الصيام بالنسبة لأهل لخيام)،
14 - لقد تقرر ادراج هذه العملية في المقررات التدريبية للوحدات الخاصة في كل أفرع القوات المسلحة وقوات الأمن، وفي الحقيقة هي لم تكن عملية بسيطة عكس ما توحي به تدوينات مقاتلي "اكلافيي"،
15 - لا تؤكد هذه العملية فقط مدى التدريب الرفيع الذي يحظى به جنود الدرك الوطني سواء في الوحدات الخاصة مثل (GARCI او GSIGN) او الوحدات العادية، إنما تؤكد ايضا مدى الشجاعة الهائلة التي يتمتع بها الفرد المقاتل في القوات المسلحة وقوات الأمن الموريتانية،
16 - إن هذا الفتى كان شجاعا ضمن زملائه الشجعان أيضا، لكنه كما يقول الشهيد "صدام حسين" تميز في تصريف هذه الشجاعة وتحويلها الى مفردات حية وهادئة لكنها مؤذية جدا للعدو، كل ذلك والعملية لم تستغرق عشر دقائق،
17 - إنه يلفظ انفاسه الأخيرة لكنه يواصل التفكير في سير المعركة ويواصل القتال ويطرح الخطط ويفتك بالعدو،
الرحمة والمجد والخلود لشهدائنا الابطال، ولا نامت أعين الجبناء.