انشغل الموريتانيون خلال العام 2022 بتقييم حصيلة ثلاث سنوات من حكم نظام الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني الذي وصل إلى السلطة سنة 2019، ومسار محاكمة الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز وعدد من أركان حكمه.
وانشغل الموريتانيون أيضا بالتحضيرات الجارية للانتخابات النيابية والمحلية المقررة بداية العام 2023 والاستعدادات لتصدير أولى شحنات غاز البلد المكتشف والمقرر أن يضع موريتانيا ضمن نادي الدول المصدر للغاز.
"إنجازات وتهدئة"
فعلى مدى الأشهر الأخيرة، نظم حزب "الإنصاف" الحاكم العديد من المهرجانات والفعاليات استعرض فيها أبرز الإنجازات التي تحققت منذ استلام ولد الغزواني السلطة.
ونشر عدد من الوزراء وكبار المسؤولين في الدولة مقالات تشيد بإنجازاته وتستعرض أهم ما تحقق خلال الفترة التي مضت من حكم الغزواني، في مقابل انتقادات من سياسيين معارضين للأداء الحكومي خلال السنوات الثلاث.
وأكد المدافعون عن الرئيس ولد الغزواني، من وزراء وسياسيين، أن إنجازات كبيرة تحققت خلال فترته من بينها استفادة 90 ألف أسرة من تأمين صحي، وبناء مئات المدارس والمراكز الصحية، واكتتاب 8 آلاف مدرس وإنجاز 400 شبكة ماء صالح للشرب.
بالإضافة إلى تزويد 191 ألف أسرة بالماء الصالح للشرب في القرى والأرياف، وتوزيع دعم مالي على آلاف الأسر الهشة في العاصمة نواكشوط والعديد من المدن والقرى.
وأشاد المدافعون عن الغزواني بتهدئة الأوضاع السياسية في البلد منذ وصوله للسلطة، وحرصه على إجراء لقاءات دورية مع قادة الأحزاب السياسية بما فيها أحزاب المعارضة.
"أداء ضعيف"
في المقابل اعتبر معارضو الغزواني أن أداء حكوماته المتعاقبة على مدة السنوات الثلاث الماضية كان ضعيفا، حيث استمرت البطالة بين الشباب في الارتفاع وشهدت أسعار المواد الغذائية ارتفاعا غير مسبوق.
وقال النائب البرلماني المعارض، محمد الأمين ولد سيدي مولود، إن الوظائف الحكومية "ما زالت حكرا على النافذين باستثناء حالات تجميلية نادرة، لا فرق بين سياسي منها وفني".
وحول الحديث عن التهدئة السياسية في عهد الغزواني، تساءل ولد سيدي مولود في تدوينة عبر حسابه على "فيسبوك": "هل يعني المناخ السياسي الهادئ منع تراخيص الأحزاب السياسية للجميع دون أي مبرر؟ أم اعتقال المدوّنين وسن قوانين تحصّن الرئيس من النقد؟ أم منع النواب من أنشطة في دوائرهم الانتخابية؟ أم احتكار وسائل الإعلام الرسمية للحزب الحاكم؟".
محاكمة الرئيس السابق
ومن بين المواضيع التي شغلت الرأي العام الموريتاني خلال العام 2022 مسار محاكمة الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز و11 من أركان حكمه في أشهر ملفات الفساد في البلد وأكثرها تعقيدا.
مسار محاكمة الرئيس السابق مر طيلة العام 2022 بعدة مراحل قبل أن ينتهي إلى المحكمة العليا التي قررت يوم 13 كانون الأول/ ديسمبر 2022 إحالة الملف إلى المحكمة المختصة بالفساد بعد استنفاد كافة مراحل الاستئناف والطعن، فيما ينتظر أن تصدر محكمة الفساد حكمها بهذا الخصوص خلال أسابيع.
ويرى متابعون أن محاكمة ولد عبد العزيز تأتي ضمن صراع مع الرئيس الحالي محمد ولد الشيخ الغزواني، بسبب رغبة الأول في الاحتفاظ بنفوذ في دوائر الحكم بالرغم من انتهاء رئاسته، لكن السلطات تقول إن المحاكمة جنائية ولا علاقة لها بالسياسة.
عين على نادي مصدري الغاز
ينتظر أن تبدأ موريتانيا أواخر العام 2023 بتصدير أولى شحنات غازها المكتشف، وسط دعوات لضرورة التصدي لكل مظاهر الفساد من أجل الاستفادة من عائدات الثروة الغازية لتطوير البنية التحتية في هذا البلد العربي الواقع في غرب أفريقيا والذي يبلغ تعداد سكانه نحو 4 ملايين نسمة.
وبحسب معطيات أعلنها وزير البترول والمعادن والطاقة عبد السلام ولد محمد صالح، يوم 24 أيار/ مايو الماضي، فإن احتياطيات الغاز المكتشف في موريتانيا تقدر بأكثر من 100 تريليون متر مكعب.
لكن التصدر سيبدأ رسميا العام القادم في حقل "السلحفاة" المشترك بين موريتانيا والسنغال والذي تقدر احتياطياته بـ25 ترليون قدم مكعبة.
ويرى مختصون أنه مع بدء استغلال احتياطيات الغاز المكتشف، ستصبح موريتانيا هي الثالثة أفريقيا، بعد نيجيريا والجزائر، في مجال تصدير الغاز، وستصبح بالتالي ضمن نادي مصدري الغاز.
وتقول الحكومة الموريتانية، إنها أكملت مخططات استغلال حقولها الخالصة من الغاز.
موسم سياسي ساخن
التحضيرات الجارية للانتخابات النيابية والمحلية والجهوية المقررة في أيار/ مايو القادم، كانت ضمن القضايا التي شغلت الرأي العام الموريتاني خلال الأشهر الأخيرة من العام 2022.
فقد بدأت مختلف الأحزاب السياسية حملات انتخابية سابقة لأوانها، حيث نظمت العديد من هذه الأحزاب مهرجانات وتظاهرات سياسية في إطار التحضير للاستحقاقات القادمة.
واحتدم السجال السياسي بين المعارضة والموالاة في سياق تجاذب ما قبل السباق الانتخابي.
وبدأ حزب "الإنصاف" الحاكم حملة بمختلف ولايات البلاد وذلك في محاولة منه لتأمين أغلبية برلمانية للرئيس محمد ولد الغزواني قبل سنة واحدة من موعد الانتخابات الرئاسية المقررة بداية العام 2024.