أدى وفد فرنسي يقوده نائب رئيس مجلس الشيوخ الفرنسي فانسان دولاهاي، زيارة إلى المغرب في إطار حل "الأزمة الصامتة" بين البلدين، بعد تكليف السفير المغربي في باريس بمهام أخرى دون تكليفه.
والتقى الوفد الفرنسي برئيس مجموعة الصداقة البرلمانية المغربية-الفرنسية بمجلس النواب، الحبيب المالكي، حيث أفاد بلاغ لمجلس النواب بأن المالكي ذكر في مستهل هذا اللقاء بالروابط التاريخية القوية التي تجمع المغرب بفرنسا، مشيرا إلى التضحيات الكبيرة للجنود المغاربة ومساهمتهم المتميزة في معركة تحرير فرنسا خلال الحرب العالمية الثانية، موضحا أن العلاقات بين البلدين علاقات متعددة الأبعاد تشمل الجوانب الإنسانية والحضارية والاقتصادية والسياسية وغيرها.
من جهته، أكد دولاهاي، أن المغرب يعتبر "شريكا بالغ الأهمية لفرنسا في أفريقيا والمنطقة المغاربية"، مثمنا التطور الكبير الذي تعرفه المناطق الجنوبية للمملكة ومدينة الداخلة على وجه الخصوص، كما أبرز أن المغرب يعتبر بوابة نحو أفريقيا، داعيا إلى الارتقاء بالعلاقات الثنائية بما يفتح آفاقا جديدة للتعاون وبما يخدم مصالح البلدين.
وفي وقت سابق، كشف موقع "أفريكا إنتيليجنس"، أن العاهل المغربي محمد السادس والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أجريا محادثة هاتفية، الثلاثاء الماضي، تطرقا خلالها إلى "سوء التفاهم الحاصل خلال الأسابيع المنصرمة، بالإضافة إلى كون سفارتي البلدين بدون سفير منذ شهر تشرين الأول/ أكتوبر المنصرم".
وقال المصدر نفسه إن ماكرون أعرب للعاهل المغربي عن رغبته في القيام بزيارة رسمية للمغرب، مضيفا أن الملك تفاعل مع ذلك بشكل إيجابي وعبر عن ترحيبه بالرئيس الفرنسي واستعداده لاستقباله، مبرزة أنه لم يجر الاتفاق بين قائدي البلدين على موعد محدد، لكنها أوضحت أن الزيارة ستجري مبدئيا قبل نهاية عام 2022 أو في بداية عام 2023.
وجاء ذلك في ظل علاقة متوترة بين البلدين أدت إلى إلغاء زيارة للرئيس الفرنسي إلى المغرب كانت مقررة نهاية شهر تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، كان قد أعلن عنها محادثة عابرة جرى توثيقها عبر مواقع التواصل الاجتماعي مع مواطنين مغاربة مقيمين في فرنسا، مباشرة بعد عودته من الزيارة الرسمية التي قام بها إلى الجزائر.
وكانت العلاقات المغربية الفرنسية، قد تأثرت بالفعل بقرار باريس تقليص التأشيرات الممنوحة للمغاربة إلى النصف، ردا على ما اعتبرته رفض المملكة استقبال مواطنيها الذين ترغب السلطات الفرنسية في ترحيلهم.
وتأتي مكالمة ماكرون في أعقاب أزمة دبلوماسية "صامتة" بين البلدين، بعد أن أعلن العاهل المغربي محمد السادس خلال مجلس وزاري الشهر الماضي، تعيين سفير الرباط في باريس محمد بنشعبون، مديرا عاما لـ''صندوق محمد السادس للاستثمار''.
وبهذا القرار يكون قد سُحب السفير المغربي من فرنسا، ما يؤكد أن الأزمة بين البلدين التي اندلعت منذ أكثر من سنة قد دخلت منعطفا شائكا.
وكان بنشعبون يشغل منصب وزير المالية، قبل أن يتم تعيينه في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي سفيرا للمغرب في فرنسا على أمل تنشيط العلاقات الثنائية وخاصة الاستثمارات، غير أن الأزمة التي اندلعت بين البلدين حالت دون قيامه بالدور المناط به.
وخلال شهر أيلول/ سبتمبر، سحبت باريس سفيرتها في الرباط، وقامت بتعيينها في منصب دبلوماسي في الدائرة الخارجية للاتحاد الأوروبي ببلجيكا، ليستمر منصب السفير الفرنسي في المغرب شاغرا، في الوقت الذي دأبت فيه باريس على تعيين سفير جديد مباشرة بمجرد إنهاء مهام أحد سفرائها.
وذهبت كل التحاليل إلى اعتبار طريقة تعيين السفيرة في منصب أوروبي شكلا من أشكال "سحب السفير" من المغرب ولكن بطريقة غير علنية، أي بمثابة استدعاء السفيرة للتشاور، وهو شكل من أشكال الاحتجاج الدبلوماسي.
وجاء الرد المغربي عبر تعيين السفير المغربي في منصب جديد، بمعنى أن الرباط قد سحبت السفير، ليصبح محمد بنشعبون السفير المغربي الذي قضى أقل مدة زمنية في سفارة الرباط في باريس منذ عقود في سابقة دبلوماسية.