دخلت مريم أولى حكومات المأمورية وتم تكليفها بحقيبة قد لا يعي الكثيرون أهميتها، ولكن السلطات العليا تدرك تمام الإدراك أن الشخص الذي سيتبوؤ المنصب سيكون من بين الوزراء المحوريين، في أفق استغلال الغاز وما يصاحب ذلك من مشاكل بيئية.
تم اختيارها حسب معايير محددة، فهي حائزة على شهادة عليا في المجال وسبق لها أن عملت في بلادنا قبل ان تنتقل إلى المجال الدولي، ولكنها تعاني من جهل عميق في مجالات لا غنى عنها للنجاح في بلادنا.
فمريم لا تفقه شيئا في فن الكذب والنفاق والحربائية، كما أنها لا تعير اهتماما للقبيلة والجهة والعرق، حتى انني أكان أجزم أنها أحيانا تنسى اسم قبيلتها، ولكن ليس هذا هو الأخطر.
مشكلة مريم الكبرى أنها لا تفهم استراتيجيات نفخ الفواتير وإطلاق الورشات، وتستشيط غضبا إذا لاحظت وسخة على حائط المكتب، أو علمت أن أحد الموظفين لا يحافظ على أوقات الدوام، أو يتجاهل مواطنا بسيطا ينتظر خدمة، بينما هو منهمك في محادثة عائلية على الواتساب.
أما أن يحصل لديها يقين بأن أحد المسؤولين انتهك قدسية المال العام، فهو عندها بمثابة الخط الأحمر الذي لا تستطيع الصبر عليه لحظة واحدة.
مريم، ومثلها آخرون، جاءو متقدمين علينا بسنوات ضوئية وظلمونا، ظلمونا لأنهم يريدون منا مسايرتهم في صرامتهم وتفانيهم في العمل وبعدهم عن المال العام. ظلمونا لأنهم يريدون منا أن نكون مثلهم.
ونحن لا نحتمل الظلم، اذا لا مكان لهم بين ظهرانينا، فليذهبو بعيدا عنا، فنحن ما زلنا نعالج مرضانا في داكار وتونس ونسجل ابناءنا في المدارس الأجنبية ونكذب ونأكل المال الحرام..
مريم.. بالله عليك، اتركينا وشأننا، نحن لا نريد بناء وطن.. نحن نريد أن نعيش في "لفريگ" حيث المجد لابن القبيلة ولو كان جاهلا، والبطالة والتسكع لابن الجمهورية وإن كان نظيف الكف واللسان.
ابتعدي عني وانسينا.. فلقد نسيناك.
نقلا عن صفحة hacen Lebatt .