إعلانات

"شبيكو " و الغربة و الحنين / العملاق إكس ولد إكس إكرك

جمعة, 14/10/2022 - 13:36

من ضحايا "شبيكو" –إن جاز التعبير- الشاعر يحيى بن طالب الحنفي، وهو شاعر من بني ذهل بن الدؤل بن حنيفة، من أهل اليمامة،وهو شاعر فصيح  استشهد البكري ببعض شعره في الكلام على (الحجيلاء) و(شعبعب) يقال في خبره: كان شيخاً دينا يقرئ أهل اليمامة، وكان تاجراً يشتري غلات السلطان بقرقرى (من أراضي اليمامة)، وأصاب الناس جدب، فجلا أهل البادية ونزلوا بقرقرى، ففرق فيهم يحيى غلته، وكان جواداً، فكثرت عليه الديون، فهرب يريد خراسان، ومر ببغداد، فبعث إلى أهله بقصيدة، يقول فيها:
ألا هل لشيخ وابن ستين حجة ::  بكى طربا نحو اليمامة من عذر
ثم وصل إلى الريّ وقال من قصيدة:
ألا هل إلى شم الخزامى ونظرة :: إلى قرقرى قبل الممات سبيل
فغنى ببعضها إسحاق النديم بين يدي الرشيد فسأل عن قائلها فعلم بخبره، فكتب إلى عامله في الري برده وقضاء دينه، فعاد البريد بأنه مات قبل شهر.

قال أبو علي القالي في أماليه كان يحيى بن طالب الحنفي شيخا كريما يقري الأضياف ويطعم الطعام فركبه الدين الفادح فجلا عن اليمامة إلى بغداد، فأراد رجل من أهل اليمامة الشخوص من بغداد إلى اليمامة فشيعه يحيى بن طالب، فلما جلس الرجل في الزورق ذرفت عينا يحيى وأنشأ يقول :
أحقاً عباد اللَه أن لستُ ناظراً :: إلى قَرقرَى يوماً وأعلامِها الغُبر
كأن فؤادي كُلّما مَرَّ رَاكبٌ :: جَنَاحَا غُرابٍ رامَ نهضاً إلى وكرِ
إذا ارتحلت نحو اليمامة رِفقَةٌ :: دَعاكَ الهَوَى واهتاجَ قلبُكَ للذِّكرِ
أقول لموسى والدموعُ كَأَنَّها :: جَدَاوِلُ ماءٍ في مساربها تجري
ألا هَل لِشَيخٍ وابن ستين حِجَّةً :: بكى طرباً نحو اليمامة من عُذرِ
فقال لقد يَشفي البكاءُ من الجوى :: ولا شيءَ أجدى مِن عزاءٍ ومِن صَبرِ
فواحزني مما أُجِنُّ من الهوى :: ومن مُضمر الشوقِ الدَّخيلِ إلى حَجرِ
تَغَرَّيتُ عنها كارهاً وتركتها :: وكان فِراقيها أمَرَّ من الصَّبرِ
فيا راكبَ الوَجناء أُبتَ مسلَّماً :: ولا زِلتَ مِن رَيبِ الحوادث في سترِ
إذا ما أَتيتَ العِرضَ فاهتف بِجَوِّه :: سُقيتَ على شَحطِ النَّوى سَبَلَ القَطرِ
فإنك من وادٍ إليَّ مُحبَّب :: وإن كنت لا تزدار إلا على عفرِ
لعل الذي يقضي الأُمورَ بِعِلمِه :: سَيَصرِفُنِي يوماً إليه على قَدرِ
فَتَفتُرَ عينٌ ما تَمَلُّ من البكا :: وَيَصحُو فؤاد ما يُنهنَهُ بالزّجرِ
يقولون إن الهجر يَشفي من الجَوى :: وما زِدتُ إلا ضعفَ ما بي على الهَجرِ
لَشُربُكَ بالأنقادِ رَنقاً وصافياً :: أعَفُّ وأعفى من رُكُوبِكَ في البحرِ
إذا أنتَ لم تَنظُر لنفسك خالياً :: أَحاطَت بك الأحزانُ من حيثُ لا تدري
مُدايَنةُ السلطانِ بابُ مَذَلَّةٍ ::وأشبهُ شيءٍ بالقَناعَة والفَقرِ
يُزَهِّدُني في كلِّ خيرٍ فَعَلتُه :: إلى الناس ما جَرَّبتُ من قِلَّةِ الشُّكرِ

وله في الحنين إل اليمامة:
أيا أَثلاتِ القاع من بطن تُوضِحِ :: حنيني إلى أفيائِكُنَّ طويلُ
ويا أثلاتِ القاعِ قلبي مُوكلٌ :: بكُنّ وجدوى خَيرِكُنَّ قليلُ
ويا أَثلاتِ القاع قد ملّ صحبتي :: مسيري فهل في ظلكن مقيلُ
ويا أثلاتِ القاعِ ظاهرُ ما بَدا :: بجسمي على ما في الفؤاد دَليلُ
ألا هل إلى شمِّ الخُزامى ونظرةٍ :: إلى قرقَرى قبل الممات سبيلُ
فأشربَ من ماء الحُجَيلاءِ شربةً :: يُداوى بها قبل المماتِ عَلِيلُ
أُحَدِّثُ عنكِ النفسَ أن لستُ راجعاً :: إليكِ فَحُزني في الفُؤاد دَخِيلُ
أريدُ انحداراً نحوها فَيَصُدَّنِي :: إذا رُمتُهُ دَينٌ عليَّ ثَقيلُ

كامل الحنين.