العديد من المؤتمرات والفعاليات العالمية، نظمت خلال السنوات الماضية لمناقشة قضايا المناخ، لكن العالم على موعد مع قمة مختلفة تستضيفها دولة الإمارات.
بشغف يترقب العالم وكل المهتمين بقضايا المناخ والبيئة قمة "COP 28"، والتي يتوقع لها أن تكون فريدة في التنظيم والحضور، وأن تقدم النتائج والتوصيات التي يحلم بها كل إنسان يعيش على الكوكب.
لن نبالغ إن قلنا إن التغير المناخي سوف يؤرخ له قبل وما بعد "COP 28"، كون دولة الإمارات واحدة من أبرز دول العالم التي تبذل كل المساعي من أجل نشر الطاقة النظيفة على مستوى العالم.
ولم يكن تقرير "وول ستريت جورنال"، الذي سردت فيه بالأرقام المسيرة المشرفة لدولة الإمارات، كنموذج يحتذى به عالميا في الاهتمام بالطاقة النظيفة واستثماراتها.
الصحيفة الأمريكية، لم تتوقف عند حد اهتمام دولة الإمارات بمشروعات الطاقة النظيفة على أرضها، بل تخطته لتبرز الدور الإقليمي والعالمي لدولة الإمارات ومشروعاتها في عدد من دول العالم، من أجل الحفاظ على الكوكب من تداعيات التغير المناخي.
نعود لقمة المناخ "COP 28"، التي ستحتضنها دولة الإمارات في نوفمبر/تشرين الثاني 2023؛ والتي يتوقع أن تشهد أكبر مساهمة ومشاركة عالمية.
ويعود ذلك إلى الرؤى الواعدة والاستراتيجية لدولة الإمارات العربية المتحدة واستثماراتها في مجالات الطاقة المتجددة، وأهمها؛ الهيدروجين الأخضر، فدولة الإمارات اليوم أصبحت نموذجًا عربيًا مشرفًا يمتلك رؤية واعدة للطاقة النظيفة.
هدف صافي الانبعاثات الصفري
على مدى الأعوام الخمسة عشرة الأخيرة، رسخت دولة الإمارات ريادتها في مجال الطاقة النظيفة والعمل المناخي فهي تستضيف الوكالة الدولية للطاقة المتجددة "آيرينا" منذ عام 2009، وعززت هذه المكانة الرائدة باختيارها لاستضافة الدورة الثامنة والعشرين لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ "COP28" في عام 2023.
من المؤكد أن الحكومة والقيادة الرشيدة لدولة الإمارات لن تدخر جهدًا في جعل هذه الدورة شاملة، وأن تسهم في توحيد جهود العالم.
المؤتمر الذي ستنظمه دولة الإمارات، سيحتوي آراء الجميع من الدول المتقدمة والنامية، وسيمثل كافة وجهات النظر في القطاعين العام والخاص، وسيشمل النساء والشباب والمجتمع المدني، كما سيركز على الحلول المناخية القابلة للتطبيق والمجدية تجاريًا والقادرة على تحويل الخطط والاستراتيجيات إلى نتائج ملموسة على أرض الواقع.
وستلعب دائرة الطاقة في أبوظبي دوراً كبيراً بصفتها مسؤولة عن تطوير قطاع الطاقة وفق أسس مستدامة.
وكانت دائرة الطاقة قد أعلنت خلال قمة COP26 عن 9 مشاريع قائمة وقيد التخطيط تركز على توليد الطاقة النظيفة من الطاقتين الشمسية والنووية وإمداد نظم إنتاج المياه بالكهرباء عبر تقنية التناضح العكسي وتبني سياسات لتحفيز كفاءة الطاقة من أجل خفض الانبعاثات الناتجة عن توليد الطاقة وإنتاج المياه بما لا يقل عن 50% خلال السنوات العشر القادمة، حيث تساهم المشاريع الحالية من الطاقة النظيفة والمتجددة في تخفيض كبير في حجم الانبعاثات الكربونية.
وكانت دولة الإمارات قد أطلقت آخر مبادراتها الاستراتيجية المناخية "الحياد المناخي بحلول 2050"، بهدف تحقيق الحياد المناخي والوصول إلى نسبة صفر انبعاثات كربونية بحلول عام 2050، وذلك ضمن جهودها الجماعية دعما للبيئة المستدامة والعمل المناخي، والتي أعلنت عنها بالتزامن مع اليوبيل الذهبي لذكرى تأسيسها، لتمثل انعكاسا للتقدم الذي حققته خلال الخمسين عاما الماضية، واستشرافا للإنجازات التي سيحققها جيل الشباب في الخمسين القادمة.
قيادة الحراك العالمي
ورسخت دولة الإمارات في عام 2021 مكانتها كأحد أبرز قادة الحراك العالمي للعمل المناخي من خلال مجموعة من الإنجازات والمبادرات الرائدة على المستوى الدولي والتي تصب في مصلحة تحقيق الاستدامة البيئية ومواجهة تحديات التغير المناخي في العالم.
وواصلت دولة الإمارات في عام 2021 حصد المراكز الأولى في العديد من مؤشرات التنافسية العالمية في المجال البيئي، واستضافة مجموعة من اللقاءات والفعاليات التي عززت موقعها كمنصة عالمية للحوار وحشد الطاقات من أجل الارتقاء بجهود حماية الأرض من تداعيات التغير المناخي والتكيف مع تأثيراته المحتملة على النظم البيئية والقطاعات الاقتصادية كافة.
وشكل إعلان دولة الإمارات عن هدف تحقيق الحياد المناخي بحلول 2050 تتويجًا لجهود الدولة ومسيرتها في العمل من أجل المناخ على المستويين المحلي والعالمي خلال العقود الثلاثة الماضية منذ انضمامها لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ في 1995.
وستوفر المبادرة فرصاً جديدة للتنمية المستدامة والتقدم الاقتصادي، كما تسهم في ترسيخ مكانة الدولة وجهةً مثالية للعيش والعمل وإنشاء المجتمعات المزدهرة، حيث ستستثمر دولة الإمارات أكثر من 600 مليار درهم في الطاقة النظيفة والمتجددة حتى 2050، وستقوم بدورها العالمي في مكافحة التغير المناخي.
وفازت دولة الإمارات في 11 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي بسباق الترشح لاستضافة الدورة الثامنة والعشرين لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ COP 28 التي ستقام عام 2023، في خطوة تعكس التقدير العالمي لجهودها في استدامة المناخ.
وجاء فوز دولة الإمارات بعد حصولها على أغلبية أصوات الدول التي منحت الثقة في تنظيم دورة متميزة تسهم في تبني العالم لتوجه اقتصادي يدعم العمل المناخي، وتحفز المجتمع الدولي لمزيد من التعاون وتسريع وتيرة جهود مواجهة تحدي تغير المناخ.
وخلال مشاركتها في أعمال مؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ "كوب 26" الذي عقد في جلاسكو أعلنت دولة الإمارات عن مجموعة من المبادرات العمليّة لمواجهة تحدي التغير المناخي على المستوى العالمي ومنها الإعلان عن خارطة طريق تحقيق الريادة في مجال الهيدروجين التي حددت ثلاثة أهداف أساسية، تتمثل في فتح مصادر جديدة لخلق القيمة من خلال تصدير الهيدروجين منخفض الكربون ومشتقاته ومنتجاته إلى مناطق الاستيراد الرئيسة، وتعزيز فرص مشتقات الهيدروجين الجديدة بواسطة الفولاذ منخفض الكربون والكيروسين المستدام، بالإضافة إلى الصناعات الأخرى ذات الأولوية والتي تساهم في تحقيق الحياد المناخي بحلول 2050.
وشهد مؤتمر "COP26" الإعلان عن إطلاق مبادرة "الابتكار الزراعي للمناخ"، وهي مبادرة عالمية كبرى تقودها دولة الإمارات والولايات المتحدة الأمريكية بمشاركة 30 دولة.
وتهدف المبادرة التي تصل قيمة التزاماتها الأولية إلى 4 مليارات دولار، إلى تسريع العمل على تطوير أنظمة غذائية وزراعية ذكية مناخياً على مدى الأعوام الخمسة المقبلة، وقد تعهدت دولة الإمارات باستثمار إضافي قيمته مليار دولار كجزء من هذه المبادرة.
وأعلنت دولة الإمارات والوكالة الدولية للطاقة المتجددة "آيرينا" عن إطلاق المنصة العالمية على هامش مؤتمر "COP26"، حيث تعهدت دولة الإمارات بتقديم 400 مليون دولار من خلال "صندوق أبوظبي للتنمية" لدعم المنصة في جمع تمويل لا يقل عن مليار دولار.
COP 28.. نموذج فريد يترقبه العالم
ستكون دولة الإمارات العربية المتحدة عاصمة قمة الأمم المتحدة للمناخ "COP 28" لاستضافة أعمال الحدث التي يتوقع أن يكون الأبرز، بعد قمة فرنسا التي تمخض عنها اتفاق باريس للمناخ في ديسمبر/كانون الأول 2015.
دولة الإمارات التي تستحق لقب دولة الاستدامة، بدأت منذ إعلان تقدمها بطلب الاستضافة، التحضير لنموذج عالمي فريد قادر على إعادة المناخ كما كان عليه قبل قرابة قرنين.