تقول الميثولوجيا الشعبية الموريتانية إن رجلا أصيب بمرض الوهم فاعتقد أنه حبة زرع يستطيع أي ديك أن يبتلعها بنقرة واحدة فأصبح لذلك يخاف الديك خوفا هستيريا، فذهب به أهله إلى طبيب نفساني سرد عليه الأدلة والبراهين على أنه رجل وليس حبة زرع وبعد جهد جهيد قال له المريض بكل بساطة لقد اقتنعت أنني لست حبة زرع ولكن من سيقنع الديك ؟
تذكرت هذه القصة عندما سمعت بعضا من مهاترات العقوقيين المتاجرين بحقوق شريحتي لحراطين ولمعلمين الكريمتين فيتطاولون على العلماء الربانيين والمصلحين الاجتماعيين أمثال القامتين العلميتين السامقتين الشيخ العلامة محمد الحسن الددو الشنقيطي والأستاذ الجليل محمد غلام الحاج الشيخ، وذلك بحثا عن الشهرة الزائفة والمال الحرام عند الحكام أوعند أعداء الاسلام ، وهنا أقول لهؤلاء العقوقيين كما قال الشاعر:
يا ناطح الجبل العالي ليوهنه
أشفق على الرأس لا تشفق على الجبلِ
لأنك كما قال الشاعر الآخر:
كناطحٍ صخرةً يوماً ليوهنها
فلم يضِرْها وأوهى قرنَه الوعلُ
الواقع أن الدولة والشعب الموريتانينين اقتنعا بأن الاسترقاق والاستعلاء مرفوضان ومدانان جملة وتفصيلا وهذا ما يجسده الدستور وتفرضه ترسانة القوانين المجرمة لهما، وهكذا أصبحت ترى المنحدرين من هاتين الشريحتين يتربعون على أعلى المناصب في الدولة ويتزوجون من بنات الطبقات الأريستوقراطية التقليدية، وبالتالي لم يعد موجودا من هاتين الظاهرتين المقيتتين سوى آثارهما أو الوهم الذي يتاجر به العقوقيون على طريقة مريض الوهم السابق.
وفي الختام أقول لكل عقوقي وكل عقوقية إن ما في وطننا الحبيب من ظلم وفساد يشمل الجميع ولا يستهدف هاتين الشريحتين حصرا، بل إن هاتين الشريحتين أصبحتا تحظيان ببعض التمييز الإيجابي وقد قطعت الدولة خطوات في سبيل التخفيف من آثار ما تعرضتا له من الرق والنظرة الدونية وإن كان لا يزال أمامها الكثير، وبالتالي فلا عبد اليوم إلا من "سعْبد" نفسه ولا "امعلّم" إلا من "سعْلم" نفسه، وقديما قال الشاعر:
وما المرء إلا حيث يجعل نفسه
وإني لها فوق السماك لجاعل.
ولكن من سيقنع الديك؟ .
نقلا عن صفحة المهندس الأديب / أحمدو ولد اجريفين .