هذه جملة من الأفكار السريعة حول سبل تطوير الدبلوماسية الوطنية وهي على النحو التالي:
أولا - في السياسة الخارجية
تقييم شامل للسياسة الخارجية، لمعرفة عناصر القوة والضعف، ويمكن من اعتماد مقاربات متعددة الأبعاد ومتناغمة فى نفس الوقت، تعتمد - بشكل متواز - على الأعماق الاستراتيجية لموريتانيا (بعيدا عن سياسة المحاور).
1. العمق العربي – الإسلامي
2. العمق الإفريقي – الساحلي
3. العمق الأطلسي - المتوسطي.
وذلك لتحسين صورة البلاد الخارجية وقطع عهد القرارات الارتجالية التي كلفت بلادنا الكثير ولتحسين صورة البلاد أيضا (سجل حقوق الإنسان، تجربة مكافحة الإرهاب، مناخ الأعمال والاستثمار، اقتصاد المعرفة) ولمواجهة الدعايات المغرضة التي تستهدف البلد من خلال تبني رؤية إعلامية واضحة تبين زيف تلك الادعاءات، والرد عليها في الوقت المناسب عبر وسائل الاتصال الحديثة سريعة الانتشار، وفي اعتقادنا سيكون من المفيد في هذا الإطار فتح حسابات مُوثقة باسم الوزارة على مواقع التواصل الاجتماعي الأكثر انتشارا في البلاد؛
ثانيا - تنظيم الإدارة المركزية:
- إلزامية مرور جميع الوثائق الإدارية والقانونية الصادرة من الإدارة بما فيها قرارات التعيين بالمستشار القانوني للوزارة للاطلاع على مدى مطابقتها للنصوص القانونية سارية المفعول تجنبا للإحراج الذي قد تقع فيه الوزارة من رفع للدعاوى الإدارية ضد قراراتها وجعلها عرضة للإلغاء؛
- ضرورة تحديث النظام العام للوكلاء الدبلوماسيين لملاءمته مع النظم الأساسية في الدول ذات النظم الدستورية والإدارية المشابهة لبلادنا، خاصة في جوانب دخول السلك والوظائف المقابلة والترقية والتدوير والامتيازات المادية والمعنوية؛
- استعادة المباني المعارة لقطاعات حكومية أخرى، لاستيعاب الطاقات البشرية والمرافق الإدارية التابعة للوزارة؛
- زيادة المفتشين والمكلفين بمهام والمستشارين والملحقين بديوان الوزير، وتكليفهم بالملفات الكثيرة، سعيا لامتصاص الموظفين المتسيبين في الأروقة دون مهمة؛
- استحداث مديرية خاصة بالتنسيق مع القطاعات الحكومية الأخرى؛
- إنشاء وظيفة "ماسك ملف" برتبة رئيس قسم في الإدارات القطاعية؛
- استحداث مصلحتين للأشخاص، إحداهما تُعنى بشؤون الإدارة المركزية والأخرى بشؤون البعثات؛ تخفيفا للضغط الحاصل على مصلحة الأشخاص؛
- إنشاء "لجنة الشؤون الخارجية للمفاوضات والتكتيك" تعنى بقيادة الموظفين القطاعيين في التحضير لإبرام اتفاقيات التعاون في جميع القطاعات الحكومية مع الأشخاص الدولية والفاعلين التنمويين الدوليين، كما تهيئ المفاوضات في المجالات الاقتصادية والعلمية والبحرية والجوية والبيئية والمائية الثنائية والمتعددة الأطراف.
- إعادة ملف التعاون الدولي للوزارة (بشكل عملي)؛
ثالثا - الدوائر الدبلوماسية والقنصلية
1. توسيع التمثيل الدبلوماسي تدريجيا من خلال خطة عشرية ليشمل منظمات وأقاليم ذات أهمية سياسيا واقتصاديا وثقافيا.. وفي هذا الإطار:
أ. إعادة فتح وإنشاء سفارات جديدة في الأردن، الهند، استراليا، كوبا، كندا، الأرجنتين، وكوريا الجنوبية؛
ب. إعادة فتح وإنشاء قنصليات جديدة في الدار البيضاء، كازامانس، نيس، دبي، سنسناتي، أوكرانيا، الغابون؛
ج. الانضمام لمنظمات إقليمية ودولية جديدة (عضوية كاملة، أو شراكة متقدمة، أوعضو مراقب..)
د. افتتاح ملحقيات ثقافية وتجارية في بعض الدول إن اقتضت الحاجة؛ للتعريف بالبلد ومقدراته الثقافية والتجارية؛
2. زيادة عدد أطقم بعض السفارات والقنصليات والمندوبيات؛ للتمكن من السيطرة على النقص الحاصل في المصادر الأدائية والتمثيل اللائق؛
3. العمل على تفعيل بعض المناصب في البعثات، كمنصب "القائم بالأعمال الأصلي" ومنصب "الوزير المفوض" لضمان ترقية المستشارين في البعثات، وليتناسب التمثيل مع الرتبة وفي مواجهة الغير "من غير المألوف دبلوماسيا أن يجلس كاتب أول أو مستشار ثان في مواجهة وزير مفوض أو قائم بأعمال أصيل، أحرى سفير دولة".
4. الاهتمام بالمظهر والبريستيج البروتوكوليين للبعثات الدبلوماسية والقنصلية من حيث التجهيز والصيانة والوسائل؛ لإضفاء صبغة أكثر إقناعا واحتراما لدى الغير، والعمل على ملكية بعثاتنا في الخارج، رفعا للحرج والنزاعات المتوقعة؛
5. تسخير وسائل البعثات في مهمات المرفق الدبلوماسي وحده والحد من الممارسات غير القانونية، وقصر سلطة إعطاء التعليمات على شخص رئيس البعثة والهرم التسلسلي الإداري، ولاء للجمهورية وبمعزل عن إقحام العادات الاجتماعية المخالفة لمبادئ الإدارة العمومية.
رابعا - في المصادر البشرية وتحفيز الكفاءات
تعيش الوزارة للأسف أجواء تنافس غير إيجابي بين منتسبيها ناجم عن اختلاف مسارات التكوين والانتساب؛ حيث درج الوزراء والأمناء العامون السابقون على استقدام عشرات الأفراد من محيطهم الاجتماعي للتشغيل في الوزارة من غير وجود حاجة فعلية لذلك، في مخالفة صريحة للنصوص القانونية المنظمة لقطاع الوظيفة العمومية، وفي المقابل تم اكتتاب عشرات الموظفين من خلال مسابقات عامة، الأمر الذي نتج عنه تضارب مصالح بين الفئتين حيث ترى كل منهما أنها الأحق بالتمكين داخل القطاع، وبهدف خلق مزيد من الانسجام بين منتسبي القطاع نقترح الآتي:
1. وضع ضوابط صارمة لتسيير الأشخاص، وتطبيق النظام الخاص بوكلاء الدبلوماسية والقنصلية 022/2007، المنظم لموظفي السلك الدبلوماسي والقنصلي، خاصة في جوانب الولوج والوظائف المقابلة والتدوير والترقيات، على أن هذا النظام يحتاج للمراجعة والتحيين لإضفاء تحسينات عليه تجعله يواكب الحياة الدبلوماسية الراهنة؛
2. استحداث علاوات جديدة على غرار باقي البلدان، ومنح علاوة خاصة بسلك وكلاء الدبلوماسية والقنصلية، منفصلة عن علاوة التعيين، لجميع أفراد السلك سواء كانوا في الخارج، في الإدارة المركزية، أو تابعين لمديرية المصادر البشرية؛ فالدبلوماسي وجه الدولة الخارجي، ولن يلقى الاحترام من لدن نظرائه والجهات التي يتعامل معها إذا لم يكن مقنعا في هيئته وهندامه ويحسن بالتمثيل أينما حل ويستطيع أن يكون مثل دبلوماسيي الدول المجاورة على الأقل في الظروف والمعاملة، كما سيكون من المفيد رفع مرتبات العاملين في الإدارة المركزية لخفض حدة التنافس على الابتعاث إلى الخارج؛
3. العدالة في التعيين والترقية ومراعاة معايير النزاهة والقدرة على إنجاز العمل والرتبة والأقدمية، وسيكون من المفيد تنظيم التحويلات الدبلوماسية بحيث تتم مرة واحدة في السنة بين أبريل ويونيو إذا أمكن ذلك على أن يتم التنفيذ خلال أشهر الصيف حتى لا ينقطع أبناء الدبلوماسيين عن الدراسة؛
4. السعي لقصر التعيين في الإدارة المركزية والسفارات والقنصليات على منسوبي "وزارة الشؤون الخارجية والتعاون والموريتانيين في الخارج" باستثناء المديريات المتعلقة بالمصادر البشرية والشؤون المالية والمعلوماتية، واقتراح تعيين نسبة مئوية لا تتجاوز 10% فقط من السفراء والقناصل خارج السلك على غرار الولاة والحكام في الإدارة الإقليمية، وهو ما يفتح الباب أمام الدبلوماسيين الذين يموت مسار أغلبهم عند مستشار أول في البعثات بفعل جلب كل السفراء إليهم من خارج القطاع؛
5. تفعيل نظام التدوير بين البعثات والإدارة المركزية، المنصوص عليه في المادة 14 من النظام الخاص لوكلاء الدبلوماسية والقنصلية، وضبط مأموريات رؤساء البعثات، وهو ما سيمكن دبلوماسيينا من التخطيط لحياتهم الخاصة، ويرفع عن المسؤولين الإداريين حرج التعرض للمسلكيات المجتمعية المنحرفة كالوساطة واستخدام النفوذ، كما سيمكن من إيجاد آلية تلقائية للتقدمات والترقيات والتحويلات؛
6. برمجة تعيين السفراء والقناصل في مجلس الوزراء كالولاة والحكام في الإدارة الإقليمية، لإبراز الشفافية والاطلاع على مؤهلاتهم ورتبهم ودرجاتهم والوظائف السابقة التي توضح خبراتهم في العمل الدبلوماسي والقنصلي؛
7. دمج الأطر الموجودين في الوزارة من خارج السلك الدبلوماسي في السلك لمن يرغب في ذلك، بالتنسيق مع وزارة الوظيفة العمومية؛
8. خلق روح الفريق وعدم مركزة كل الأعمال في يد أشخاص محددين، وتوزيع الملفات بحسب التخصص الإداري والاستعداد والقابلية للتنفيذ؛
9. اعتماد الدبلوماسية المتخصصة بحيث يكون لدينا دبلوماسيون متخصصون في كل منطقة من العالم وفي جميع الموضوعات الدولية والإقليمية التي تعتبر ذات أولوية استيراتيجية لبلادنا (دبلوماسيون متخصصون في العالم العربي، دبلوماسيون متخصصون في الشأن الأوروبي، دبلوماسيون متخصصون في مجالات حقوق الانسان...)؛
10. العمل على التغلب على النقص الحالي في التعدد اللغوي لدبلوماسيينا في الإدارة المركزية عبر ابتعاثهم في تكوينات لاكتساب اللغات لمدة لا تقل عن ستة أشهر، وربط التعيينات في الخارج مستقبلا بمعرفة اللغة الرسمية لبلد الابتعاث أو إحدى اللغات الحية المنتشرة فيه لخلق حافز لاكتساب لغات جديدة؛
11. وضع آلية دورية منتظمة للابتعاث تمكن دبلوماسيينا من معرفة زمان ومكان الابتعاث حتى يتمكن كل واحد منهم من إعداد نفسه جيدا للمهمة القادمة، على غرار ما هو معتمد في وزارات الخارجية في البلدان الأخرى؛
12. ضمان تقاعد منصف يمكن الدبلوماسيين من الاستمرار في تقديم الرأي والمشورة وتكوين الأجيال؛
13. العمل على منح القطع الأرضية للدبلوماسيين على نحو ما حصل مع الأساتذة الجامعيون والقضاة وكتاب الضبط والمحامون.. إلخ؛
14. الالتزام بما سبق لمعالي الوزير بأن تعهد به من إشراك الرابطة فيما يتعلق بالتسيير الأمثل للمصادر البشرية، والاعتراف بالرابطة ومنحها مكاتب ومساعدة مالية تمكنها من القيام بدورها المساند للوزارة على غرار الروابط العمالية التابعة للقطاعات الأخرى التي تستفيد من مساعدة سنوية من وزاراتها المعنية؛
خامسا - الدبلوماسية المُوازية
إعادة تنشيط الدبلوماسية المُوازية (العلماء والفقهاء والمفكرون والمثقفون والفنانون والرياضيون) بالإضافة إلى الاهتمام بالأدوار الجديدة للبرلمان والإعلام... كقوة ناعمة ذات دور بالغ فى عالم اليوم؛
سادسا - الأكاديمية الدبلوماسية
ينبغي أن يكون طاقمها الأساسي من أعضاء السلك الدبلوماسي، أو ممن لهم خبرة مشهودة في المجال كما هو الحال في الدول المجاورة، وأن ينصب اهتمامها على تنظيم دورات تكوينية في تحديد الاختصاص كل فيما يعنيه لفائدة الموظفين من خارج الوزارة المدعوين للعمل بالمنظمات الدولية، والمحاسبين والأعوان الفنيين الذين يتم تعيينهم في الخارج، كما تخصص لعقيلات الدبلوماسيين حصص تدريبية تشمل قواعد المراسم والإيتيكيت واللغات؛ ويمكن تنظيم محاضرات وملتقيات وندوات وزيارات لفائدة سائر الأطر في مجالات تواكب اهتمامات السياسة الخارجية الموريتانية وأهم قضايا الساعة كنوع من التكوين المستمر وتحسين الخبرة؛
سابعا - يوم الدبلوماسية الموريتانية
إنشاء يوم وطني خاص بالدبلوماسية الموريتانية وإحياء مؤتمر دبلوماسيي الجمهورية الذي تعطل منذ عقود؛ وتبادل المعلومات بين الدبلوماسيين والاطلاع على التحديات الخارجية وآفاق التنمية.
والله الموفق