على الذين يقرعون طبول الحرب مع مالي مهما كانت منطلقاتهم ونياتهم أن يدركوا أن مالي وبعيدا عن علائق الأخوة والدين والتاريخ المشترك، وبنظرة براغماتية صرفة، تعني بالنسبة لنا من بين ما تعني:
- عمقا استراتيجيا يهمنا أن يكون مستقرا وآمنا وموحدا، وتحويله إلى بؤرة توتر مؤقت أو دائم سينعكس سلبا على أمن حدودنا واستقرارها وكلفة تأمينها الباهظة أصلا.
- نسيجاً إجتماعيا يتداخل إلى أبعد الحدود مع نسيجنا الإجتماعي على طول الحدود الممتدة لأكثر من 2000 كلم، من جگنتورو في گيدي ماقا (ملتقى حدودنا مع السينغال ومالي) إلى الشگات (ملتقى حدودنا مع مالي والجزائر)، حيث يبدأ خط حدودنا مع منطقة تداخل سكاني آخر، تدور عليها أحداث نزاع مسلح منذ ما يقارب نصف قرن، ولا زال أفق التسوية فيه داكنا وغير واعد إلى أبعد حد.
- سوقاً في غاية الأهمية بالنسبة لرأسمالها الوطني (15 مليون مستهلك)، تمثل بلادنا واحدا من أهم منافذها البحرية على المحيط، في تنافس تجاري محموم مع المنافذ السينغالية والغينية والإيفوارية، وتزداد فرصتنا في كسب الرهان أكثر مع قرار الحصار الذي فرضته دول الإيكواس على مالي، مما يعني أننا أمام فرصة قد لا تتكرر لتعزيز شراكتنا مع هذا البلد وتأكيد هيمنتنا التجارية على هذا السوق بحكم الموقع واللحظة وخبرات رأسمالنا الوطني الكبيرة بالأسواق الإفريقية.
- مرتعاُ خصباً لثروتنا الحيوانية في كل مناطق الحدادة الممتدة من كركورو غربا حتى الظهر شرقا، وهو ما يمثل البرنامج الاستعجالي الأقل كلفة في سنوات الجفاف بالنسبة لمنمينا في هذه المناطق.
ولأن الجغرافيا عنيدة كما يقال فإن خيارات التعامل مع الحالة في مالي تتطلب هدوءً وحكمة وحزماً فائقين، وقد بدأ رئيس الجمهورية بهدوء ودون صخب إعلامي يفرض إيقاعه على مسار التعاطي مع الأزمة، وهو ما ننتظر نتائجه بكل ثقة في قدرات الرجل الديبلوماسية وخبرته بالملفات الأمنية للبلد والمنطقة.