كتب المعلم محمد سالم نهاية العام 1991م نصا على السبورة، ويومها كنا تكيفنا قليلا مع المدرسة، ولم نعد نأكل الطباشير الملونة، وقد ندبني للقراءة ضمن آخرين وقرأنا، كان بعض زملائنا يخضعون للعقاب، كانوا جاثين على الرُّكَب، باسطين أيديَّهم قرب السبورة، وبعد انتهاء الدرس، كنت ذاهلا، وفجأة قرع مسمعي صوت المعلم يقول: "إلاه السوط" فالتفت يمنة فوجدت زميلين عزيزين على وشك الهروب، وانطلقنا كالسهم أسلمه الوتر.
كان هروبنا فرجا من الله أرسله لزملائنا المعذبين، أطلق سراحهم، وبدأ البحث عنا، وجيء بنا بعد نصف ساعة، وعذبنا.
بعد ذلك بسنتين كنت في العاصمة وتخلفت ثلاثة أشهر، وحين عدت أصررت على حضور الدرس، فحضرت، وهالني ما رأيته، دخل المعلم (معلم جديد) باسر الوجه مقطب الجبين في يده عصا غليظة، وقال: أيكم حفظ الملخص؟ لا أحد منهم يحفظه! "الجباهَ على الحقائب" لم أكن أتوقع أن أُضرب معهم، لكنني ضربت، ولجأت إلى أختي، فعنفت المعلم، وقالت له كثيرا مما كان يسرني سماعه.. قبل سنتين سألت ابنة خالتي عن ذلك الملخص فوجدتها ما زالت تحفظه ومنه: السمكة كائن بحري له زعانف وخياشيم...
كنت "خاسرا" جدا، حين يهددني المعلم بالضرب لا ينام أحد في الحي من كثرة صراخي، وكنت حين يغضبني المعلم أنتقم منه بدهائي، فمرة أحضرت صبيا إلى كتبه ومزقها.
أما الطرد، فقد طردت مرتين: إحداهما بسبب الغياب، حين دخلت على أستاذ التربية الإسلامية، وكان يكره المتكاسلين، ولم ينتبه لي، كنت يومها صغير القدر (وربما ما زلت) ثم شاركت فانتبه لي، وقال: قف! ونظر إلى وجهي، ثم قال: وجه غريب! اغرب عن عيني. وأما الأخرى فعند درس الكلاسيكية حين كرر الأستاذ أن عاطفة الشاعر حارة، فسألته كيف نميز بين شاعر عاطفته حارة، وآخر عاطفته باردة؟ فظنني ساخرا وطردني.
ممو الخراش