يُعيب البعض على النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو أنَّه "شخص متعجرف". قد يبدو ذلك حقيقةً لوهلة عندما يكون رونالدو ممتعضاً حين لا تُمرَّر إليه الكرة خلال المباراة أو عندما لا يسجّل هدفاً، وهذا مردّه إلى حافزيته الدائمة قبل أي شيء، لكنْ ثمة الكثير من الجوانب في شخصية رونالدو التي تؤكّد أنه شخص مختلف كلياً، والحديث هنا هو عن الوجه الإنساني لهذا النجم وأفعاله الخيّرة.
في هذا الجانب، يبدو رونالدو السبّاق دائماً إلى فعل الخير والتضامن مع الشعوب في الأزمات، وغالباً ما يخص الأطفال في ذلك. وأحياناً، يبدو هؤلاء كأنّهم "أطفاله" الذين ينشر دائماً صورهم أثناء لهوه معهم.
الأمثلة هنا كثيرة، لا تعدّ ولا تحصى. تبدأ من فلسطين التي لم ينسَها رونالدو في العديد من المرات، فعندما كان لاعباً في فترته الأولى في مانشستر يونايتد الإنكليزي، تبرع بجزء من راتبه الشهري لمؤسّسة خيرية تُعنى ببناء المدارس في غزة والضفة الغربية. أما في العام 2012، فتبرع بثمن الحذاء الذهبي الذي أحرزه كهداف في البطولات الأوروبية الكبرى لأطفال غزة وفلسطين.
وبعد ذلك، التقى في مدريد الطفل الفلسطيني أحمد الدوابشة، الناجي الوحيد بعد إحراق المستوطنين منزل أسرته في مدينة نابلس.
أعرب الفلسطينيون حينها عن تقديرهم لأفعال رونالدو تلك، فرفعوا صوره، تعبيراً عن شكرهم له، كما منحه مشجعو ريال مدريد في فلسطين، إضافة إلى مؤسسة "سيدة الأرض"، لقب "شخصية العام 2016"، نظراً إلى ما قدمه للأطفال حول العالم، وتحديداً الأطفال الفلسطينيين.
الحديث عن رونالدو ومبادراته الإنسانية تجاه الأطفال تحديداً واحتضانهم لا ينتهي، تماماً كما احتضن الطفل اللبناني حيدر مصطفى، الذي نجا من التفجير الإرهابي في منطقة برج البراجنة في الضاحية الجنوبية لبيروت في العام 2015، وفقد والديه، بعد أن استضافه في مدريد.
أيضاً وأيضاً، تبرع رونالدو في العام 2016 بمبلغ من المال لمساعدة الأطفال السوريين وعائلاتهم جراء الحرب الكونية التي شُنَّت على سوريا. وقال حينها في رسالة مصورة: "هذا من أجل أطفال سوريا. نعلم أنَّكم عانيتم كثيراً. أنا لاعب مشهور، ولكنَّكم الأبطال الحقيقيون. لا تفقدوا الأمل، العالم معكم. أنا معكم".
الأمثلة كثيرة أيضاً، إذ إنَّ رونالدو تبرّع بثمن قميصه لعلاج الطفل الصربي غافريلو ديوردييفيتش، البالغ من العمر 6 أشهر، والذي كان يعاني من ضمور في العضلات الشوكية، كما أن رونالدو أجرى اتصالاً هاتفياً بطفل يعاني من مرض السرطان، بعد أن عرف أنه من مشجعيه، ودعاه وأهله لحضور مباراة له عندما كان في ريال مدريد، وذلك بعد أن كان قد تبرع لعلاج طفل مصاب بالسرطان أيضاً في العام 2012.
أما في أزمة كورونا، فقد تبرّع رونالدو بمبلغ مليون يورو لمستشفيات في البرتغال لمواجهة الوباء، كما أنه قدم قميصاً له مع يوفنتوس لمزاد علني للتبرع بعائداته للأشخاص المتضررين اقتصادياً من الوباء في البرتغال.
هذه بعض الأمثلة التي نعيد التذكير بها لأنَّ رونالدو قام بخطوة إنسانية أمس أيضاً، بالتبرّع بقميص له مع منتخب البرتغال، سيُباع في مزاد علني لمساعدة المتضررين من الثوران البركاني في جزيرة "لا بالما" الإسبانية.
هذا هو رونالدو. قد يقول البعض إنَّ هدفه من كل ذلك هو الاستعراض وتوجيه الأنظار إليه. هذا غير صحيح. إنّ نجومية رونالدو اللامعة في الملاعب طيلة 20 عاماً لا تحتاج إلى ذلك. الصحيح أنَّ رونالدو يعرف معنى المعاناة، ذلك أنه نشأ في أسرة فقيرة، قبل أن يصل إلى ما وصل إليه من خلال طموحه وتعبه. عندما يحتضن رونالدو الأطفال، ويواسي المتضررين، إنما يفعل ذلك بكلّ عاطفته. وما يقدّمه رونالدو يكون من قلبه قبل أن يكون من جيبه.