إعلانات

الكشف عن خرقات غير مسبوقة بطلها قاضي موريتاني

اثنين, 24/08/2015 - 13:49

يوجد بعض القضاة الذين لا يتوانون عن أي حيلة مهما كانت قوة الإجراءات القانونية الدقيقة والتي لا تقبل تأويلا سبيلا إلى الوصول إلى مآربهم.

لماذا؟ الله وحده أعلم! إنهم عن قصد يشوهون ويلوون أعناق القوانين والمواثيق الصريحة والواضحة دون أي خجل إلى حد سلب المتقاضين الذين يلاحظون بعجب وتعجب أن حصانة الإجراءات الواضحة لهذه القوانين والمواثيق يتم خرقها وتشويهها من طرف هؤلاء القضاة المكلفين بإرساء العدالة عن طريق التطبيق العادل للقوانين والاتفاقيات.
إن التجاوزات إن لم نقل الاعتداءات المنظمة في سياق الإجراءات القانونية والاتفاقيات التي لا تقبل التأويل تبرز خصيصا في القرارات الشاملة لرئيس محكمة الشغل في نواكشوط، لقد بذل هذا الأخير كل جهوده في إفراغ مقتضيات مدونة الشغل والاتفاقية الجماعية للشغل الواضحين وضوح الشمس في أوج النهار من أي مدلول قانوني لصالح بعض أرباب العمل. هل وقع ذلك بالصدفة؟ أو أنه تآمر؟ الله وحده أعلم!.
والأدهى من ذلك أنه في نهاية هذا التلاعب المشين، فإن النزاع الجماعي للشغل الذي تسوسه تشريعات واتفاقيات شغل منذ الاستقلال الوطني لم يعد موجودا وصارت المساطر المتعلقة به ألعوبة بدأها الرئيس المذكور الذي وجد حليفا لم يكن يحلم به ألا وهو الرئيس الحالي للمحكمة العليا الذي جيء به بعد الصراع الذي خاضه رئيسه الأسبق مع السلطة التنفيذية بسبب فصله بصورة غير قانونية.
وبالرغم من أن الغرفة المدنية والاجتماعية رقم 1 لدى المحكمة العليا سبق وأن أصدرت قرارات متكررة تبين كون الطريق الذي ينتهجه رئيس محكمة الشغل في معالجة توصيات لجان الوساطة يخل بالقانون إذ إنه خرج عن الأرضية التي ثبتت عليها التشريعات الموريتانية منذ الاستقلال وإلى يومنا هذا والتي انسجمت معها المحاكم بكل درجاتها فهذا الطريق لا يمكن بالتالي أن يعدل من طرف المحاكم الابتدائية؛ بل لا بد من تضافر شرطين لإلغاء الإجراءات التي تتأسس عليها القوانين الوطنية : إما بظهور نص قانوني يتضمن إجراءات جديدة تلغي الإجراءات القديمة وإما باتخاذ قرار مبدئي من طرف الغرف المجمعة بالمحكمة العليا يمكن من إلغاء هذه الإجراءات.
لقد انتهز رئيس المحكمة العليا فرصة غياب رئيس الغرفة المدنية والاجتماعية رقم 1 لدى المحكمة العليا ليناقض حيثيات القرارات المتخذة من طرف هذه الأخيرة فيما يخص اختصاص رئيس محكمة الشغل في معرفة توصيات لجان الوساطة.
لم تعد هيئات الشغل المنشئة من طرف قانون الشغل تحسبا لنزاعات جماعية ذات جدوى، فلقد صارت معطلة بقرارات رئيس محكمة الشغل في انواكشوط يؤازره في ذلك رئيس المحكمة العليا الذي يشغل مؤقتا منصب رئيس الغرفة المدنية والاجتماعية رقم 1 لدى المحكمة العليا من أجل إكمال المهمة! وهكذا فإن الوساطة ومجلس التحكيم صارا معطلين فتوصيات الأولى التي صارت نافذة يرفضها الثاني الذي يعلن عن نفسه أنه غير مختص منذ أن ترأسه رئيس محكمة الشغل الحالية، فبحسب نظره كل النزاعات الجماعية هي في الحقيقة نزاعات فردية.
و هو الأمر الذي يشكل خرقا بديهيا لمقتضيات المواد 330 و 333 و ما بعدها و 341 و 342 و ما بعدها و 350 وما بعدها من مدونة الشغل.
تحدد المادة 330 بصورة واضحة لا تتحمل تأويلا النزاع الجماعي بأنه : <<يعتبر جماعيا كل نزاع يقع بين عدة عمال ورب أو أرباب عمل ويهدف إلى نيل ثمرة المطالب المشتركة>>.
إن الفقرة الأولى، تطرح المبدأ الأساسي أن كل نزاع يقع بين عدة عمال أو رب أو أرباب عمل هو نزاع جماعي، فالمهم إذا أن يتنازع عدة عمال مع رب عمل (أو عدة أرباب عمل) من أجل إرضاء المطالب المشتركة.
أما الفقرة الثانية من المادة 330 من مدونة الشغل فتنبؤ بالجانبين اللذين قد يكتسيهما النزاع الجماعي المعرف فيما سبق :
أ‌. "النزاع الجماعي قانوني إذا كان هدفه نيل احترام قاعدة قانونية موجودة".
ب‌. "وهو مادي إذا كان يسعى إلى طلب فائدة اقتصادية أو اجتماعية جديدة بإنشاء قاعدة قانونية جديدة أو بتغيير أو إلغاء قاعدة قانونية موجودة .
وخلاصة القول أن النزاع القائم بين عدة عمال ورب أو أرباب عمل يكون دائما جماعيا .
وقد يكون فقط قانونيا أو ماديا وبالتالي لا يوجد فهم أو تأويل آخر لمقتضيات المادة 330 الآنفة الذكر من مدونة الشغل.
وعندما يعارض رئيس محكمة الشغل بانواكشوط برفضه لتوصيات لجنة الوساطة، بوصفه رئيس مجلس التحكيم علما أن تلك التوصيات تتعلق بنزاعات جماعية قائمة بين عدة عمال ورب عمل من أجل نفس المطالب، فإنه يكون بذلك قد خرق عن قصد مقتضيات مدونة الشغل وبالتالي فإن القانون يعرقل أو يضع حدا لعمل مجلس التحكيم الذي يرأسه هو، ثم إنه قام بنسف أكثر من 55 سنة من تشريع المحاكم الوطنية فيما يخص تسوية النزاعات الجماعية للعمل.

م.أ.ا