"ﻻيمكنك الصيام . ينبغي أن تأكل . قال الطبيب ، ووصف لي بعض اﻷدوية . وبما أنني كنت عاجزا عن الوقوف فقد اضطررت للتبول في عبوة للماء . هذا كان كل شيئ ﻷنني لم آكل أي طعام . حقا لقد نال المرض مني ، وكانت الحكومة المورتانية قلقة جدا أن تفسد البضاعة قبل أن يأخذها الزبون اﻷمريكي . كنت أحيانا أحاول السهر لعل وعسى أتناول شيئا قليﻻ من الطعام ، ولكن ما أن أجلس مستقيما حتى أصاب بالدوار وأسقط أرضا . طوال تلك الفترة بقيت آكل وأشرب ، قدر ما استطعت ، مستلقيا على فراش رقيق .
قضيت سبعة أيام في السجن الموريتاني . لم يزرني أحد من أسرتي ، وعلمت فيما بعد أنهم منعوهم من الزيارة ، بل حتى أنهم أنكروا وجودي عندهم . وفي اليوم الثامن ، الواقع في الثامن والعشرين من نوفمبر 2001 ، أبلغت بأنه سيتم ترحيلي إلى اﻷردن . الثامن والعشرون من نوفمبر هو يوم استقﻻل موريتانيا ، وهو اليوم الذي حصلت فيه الجمهورية اﻹسﻻمية المفترضة على استقﻻلها من اﻻستعمار 1960 .
ولسخرية القدر سلمت الجمهورية الموريتانية ذات السيادة الكاملة في استقﻻلها بالذات عام 2001 أحد مواطنيها لدولة أخرى ومن أراضيها . ولعارها اﻷبدي لم تخرق الحكومة المورتانية الدستور فقط ، والذي يمنع إبعاد المجرمين المورتانيين إلى دول أخرى ، بل وأبعدت مواطنا بريئا وسلمته إلى العدالة اﻷمركية العشوائية
عشية عيد اﻹستقﻻل تمت الصفقة الثﻻثية بين موريتانيا والوﻻيات المتحدة واﻷردن بخصوص تسليمي إلى اﻷردن . سمح لي الحراس بالنظر إلى اﻻستعراض القادم من وسط المدينة باتجاه القصر الرئاسي ، حيث تﻻميذ المدارس برفقة جماعات أخرى يحملون الشموع المضاءة . أثار مشهد التﻻميذ لدي ذكريات الطفولة ، عندما كنت صغيرا مثلهم وأشترك في تلك اﻹستعراضات قبل تسعة عشر عاما . بذالك الوقت كنت أنظر ببراءة إلى يوم مﻻد اﻷمة ، ولكن شائت اﻷقدار أن أبعد عنها في يوم ميﻻدها ، وفي تقديري ﻻيمكن أن نعتبر أمة ما ذات سيادة إن لم تستطع أن تعالج قضاياها بنفسها.
من كتاب "يوميات أكوانتنامو "
من صفحة بنت محمد عبر الفيسبوط