منذ نشر كتاب "فرنسا لم تقل كلمتها الأخيرة" للكاتب المثير للجدل والمرشح المحتمل للرئاسة الفرنسية إريك زمور سبتمبر/أيلول الماضي، والجدل السياسي يتركز حول "الإسلام" و"المسلمين" وطريقة طرد المهاجرين غير النظاميين أو المسجونين، وخاصة من الجزائر والمغرب وتونس التي لم تبد حرصا على استعادة رعاياها المطرودين.
وفي مقال بقلم بينوا دلماس، تساءلت مجلة "لوبوان" (Le Point) الفرنسية هل ستجرى الانتخابات الرئاسية الفرنسية في الجزائر والرباط وتونس؟ وهل استهداف المرشح المستقبلي لشعوب ودول شمال أفريقيا واعتباره أن "الإسلام دين شمولي" ونظرية "الاستبدال العظيم" خطر على صورة فرنسا؟ لترد بأن مثل هذا القول مبالغ فيه ولكنه لا يبدو بعيدا.
وأوضح الكاتب أن التسجيلات الصوتية والصور المصنوعة في فرنسا تنتشر منذ 6 أسابيع بكثرة في شمال أفريقيا، لأن ما يشعل النار في الهضاب الباريسية ينتقل من هاتف إلى آخر، ولأن الموضوعات التي فرضها زمور المثير للجدل تتعلق في المقام الأول بمنطقة شديدة الترابط مع فرنسا، كالمغرب العربي، فهي تتعلق بـ5 دول (موريتانيا والمغرب والجزائر وتونس وليبيا) تضم 100 مليون نسمة من العرب المسلمين الأفارقة.
وهذه الدول -حسب الكاتب- تربطها مع القوة الاستعمارية السابقة فرنسا علاقات اقتصادية وأمنية في مستوى جيد، والميزان التجاري شبه متوازن لمصلحة الجميع، حيث تتاجر فرنسا وتتبادل وتتعاون مع الرباط وتونس، أما معاملاتها مع الجزائر فتعتمد على الوضع السياسي الداخلي، وبالتالي فإن ظهور هذا المؤرخ المألوف على الشاشة الصغيرة بدأ بهجوم عنيف على الديانة، ومن ثم عبَر النقاش الذي يدور حول "لا يمكن أن يكون هناك إسلام معتدل" البحر الأبيض المتوسط لينتهي به المطاف في إحدى الصحف اليومية الناطقة بالفرنسية تحت عنوان "ماكرون يتبنى خطاب زمور في سياساته"، ويصبح حديث النخب والاتجاهات على الشبكات الاجتماعية.
ماذا يحدث في فرنسا؟
ورأى الكاتب أن هذا الضجيج الذي نشأ في فرنسا كان يمكن أن يكون عابرا، ولكنه أصبح هيكليا بفضل الاستطلاعات، لأن الملاحظات المعادية للإسلام مثل "يجب أن نعيد تشكيل شعب فرنسي في المحنة. ونسمي العدو: الإسلام" التي كتبها الصحفي حصلت على 16 أو 17% من نوايا التصويت وفقا لعدة استطلاعات للرأي، مما يعني أن واحدا من كل 6 فرنسيين يتبنى أفكار هذا المجادل.
وفي منطقة مثل المغرب العربي كل شخص فيها مسلم، وحتى الشيوعيون فيها يصلون، فإن عبارات مثل "ضد الإسلام، فرنسا كتلة واحدة. ويجب إلقاؤه في نار جهنم" مثيرة للقلق، وهي تعزز رأي بعض المعسكرات حول "الإسلاموفوبيا في فرنسا، خاصة أن أعمال زمور تباع في المغرب العربي، ويمكن العثور عليها في الضواحي الشمالية بتونس العاصمة من دون أن يكون لذلك شأن يذكر.
أما في الأوساط الدبلوماسية -كما يقول الكاتب- فإن هذا الموضوع "حقير"، وتعد فرنسا إحدى الشركاء الرئيسيين للمغرب والجزائر وتونس التي لا تمنع باريس من التنافس مع الصين وتركيا، إلا أن الحملة التمهيدية الرئاسية قدمت مادة للعديد من المقالات المثيرة للقلق في الصحافة الأجنبية في المنطقة المغاربية.
وختم الكاتب بأن ما يحدث في فرنسا له تداعيات خارج حدودها، وأن كلمات المرشح المحتمل إريك زمور يمكن أن تصبح مصدر إزعاج بمجرد أن يكون ترشحه رسميا، وعندها ستراقب دول شمال أفريقيا باهتمام مضاعفات الأفكار التي تطورت على الجانب الجنوبي من أوروبا، ولا يستبعد حدوث اضطرابات آنذاك.