الإمام إسماعيل ولد المختار في ذمة الله
من موجعات القلب أن يأتيك نعي عزيز على حين غرة.
نعى "الفيس" إمامنا الفاضل إسماعيل ولد المختار ولد أحمد لمرابط ، فاختلطت زرقته بالسواد وتناوحت حيطانه أسىً:
مضى ابن سعيد حين لم يبق مشرقٌ :: ولا مغربٌ إلا له فيه مادح
غاب إسماعيل
مضى طاهر الأَثواب لم تبق روضة :: غداة ثوى إلّا اشتهت أنها قبر
1974 جاءت به أمه إلى الإمام الأكبر بداه ولد البصيري رحمه الله ، فلزم غرزه وكان ماكان..
في درس التفسير كان إسماعيل بصوته الجميل ينثر الآيات لآلئًا بين يدي الإمام بداه وكلما فسر الإمام آية ألقى إسماعيل آية وربما أطال الإمام الاستطراد لكن إسماعيل يكون حاضرا ضابطا للاية التي توقف عندها التفسير.
وربما قدمه الإمام الأكبر لصلاة العشاء بعد الدرس ولا تزال ترن في أذني قراءته المميزة لسورة الشمس.
إسماعيل حكاية جيل من الزمن الجميل وعنوان مرحلة مضيئة..
إسماعيل ذلك المحظري الذي اقتحم الشمس أبحر بنا في في بحور المعرفة وأدخلنا في حوار المرايا
فعلى الفجر موجة من صهيل :: و على النّجم حافر لحصان
كان يأتي بالكتب والمجلات فنقرؤها..
من أين تأتيه وكيف تجبى إليه؟
لاندري ما نعرفه أنها كانت تعرف عنوانه..
مجلة الدعوة ، الأمة ، الإصلاح ، البلاغ ، المجتمع ، المنهل ، العالم ، الشعاع..
أشرطة كشك
وكتب سيد قطب ومحمد قطب والقرضاوي والترابي والغنوشي وعمارة والعوا والبوطي وهويدي...
كتب وأسماء لم أكن أعرفها قبل إسماعيل..
كان إسماعيل يمنع معلم الصبية من ضربنا وحين يصر المعلم ويخرج سوطه يقول له انتظرني حتى أغادر حتى لا أشهد هذا العذاب..
جرت مياه كثيرة تحت جسر الزمن
مرت سنين يا وَكام كثيرة :: ودهت خطوب يا وكام جسام
وتفرق الحي الجميع وقطعت :: بين الأ حبة ياوكام زمام
سقيا لعهدك ياوكام فإنه :: عهد له دون العهود ذمام
كان عمري عشرين ألف انشطار :: تحتَ شمسٍ يصوغها المستحيل
راكضا باتجاه مالستُ أدري :: من دروب وليس ثمَّ وصول
كنا المتحول وكان إسماعيل الثابت ، رحل الإمام الأكبر وظل إسماعيل على العهد في التدريس والإمامة والإفتاء وظل يمسك العصا من النصف ضابطا لمؤشرها عند خط الاعتدال في موقف وسط بين الأصول والفروع والسلفية والتصوف وحتى بين النظام والمعارضة يختلف الجميع ويجتمعون خلفه صفوفا في الصلاة ويجتمعون على حبه.
وحين نعاه الناعي هرعوا باكين إلى المسجد العتيق في لكصر للصلاة عليه والدعاء له ..
وفي هذا العالم الأزرق ولم يبق مشرق ولا مغرب إلا له فيه مادح ، أومثن عليه، أوشاهد له بالخير، أولاهج بالدعاء له:
فكم شهد الألوف له بخير :: به جزموا يقينا ليس ظنا
كما رفع الألوف لها ثناء :: وطبعا ترفع الألف المثنى
كان إسماعيل معلما منفقا تقيا ملهما سليم الصدر مسالما متصالحا مع ذاته مخلصا لقضايا أمته ، كتب اسمه في سفر الخلود بأحرف من نور
لو كان يُرجى خلودُ الجسم أدركَه :: أما الخلودُ الذي يُرجَى فقد خلدَه
وعمّا تبقى من حميدِ خصاله :: أرى الصمتَ أولى بي من أتكلما
تعازينا للأسرة الكريمة وجميع المسلمين
وما كان قيسٌ هلكهُ هلكُ واحدٍ :: ولكنهُ بنيانُ قومٍ تهدما
تغمد الله الفقيد بواسع رحمته وجمعه في مستقر رحمته مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.
إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ
كامل الأسى .