من خلال نشر مقال عن وحدة الروس والأوكرانيين، يعطي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين فكرة واضحة عن نهج موسكو تجاه دول الجوار بشكل عام. وهذا معلم هام.
مرت علاقات موسكو مع الدول التي ظهرت على أراضي الاتحاد السوفيتي السابق بعدة مراحل. في الوقت الحالي، تفسح النظرة العاطفية، بل الرومانسية، إلى هذا الفضاء المشترك، المجال أمام نظرة أكثر عقلانية. وكما هو الحال دائما في تحديد الأهداف الروسية، فإن الفكرة المهيمنة هي الأمن. المهمة الرئيسية هي ضمان أن لا تشكل الدول المجاورة تهديدا لروسيا وأن لا تصبح أداة بيد القوى التي تشكل تهديدا.
مقال الرئيس، عن الماضي المشترك أيضا. لكن الغرض من وصف هذا الماضي ليس إثبات الحاجة إلى إعادة توحيد "الشعب الروسي بمكوناته الثلاثة"، إنما تحديد الشروط التي تجعل هذه الأجزاء تتطور بأمان داخل دولها. هناك شرط واحد فقط: عدم توجه الدولة ضد روسيا.
يمكن تفسير صيغة السؤال بطريقتين: كتهديد وإكراه على الولاء؛ أو كإشارة واضحة إلى ما يضمن وجود الدول التي ظهرت على الخريطة قبل ثلاثين عاما. في الأيام السابقة، كان العديد من النظراء هناك يشكون: روسيا لا تقول ما تريده، وما الذي يمكننا فعله، وتجيب عن الأسئلة المباشرة بالقول: أنتم أنفسكم تعلمون. لم يكن عدم اليقين مجرد خطوة خادعة، فموسكو لم تستطع حقا صياغة موقف متماسك تجاه الجمهوريات السابقة.
منذ ذلك الحين، ظهر بعض الوضوح، هيأ له اكتمال النظام الليبرالي في العالم، والذي تم بموجبه تمويه علاقات القوة بأفكار الارتهان المتبادل و"اللعبة ذات المحصلة غير الصفرية".
من ناحية أخرى، باتت روسيا تلتفت أكثر فأكثر إلى نفسها وإلى مشاكلها (انظر استراتيجية الأمن القومي المعتمدة مؤخرا)، محققةً الاكتفاء الذاتي والتخلص من الأنشطة الخارجية غير الضرورية. ومع ذلك، فهي هنا ليست استثناء من الاتجاه العالمي.
مقال فلاديمير بوتين، دعوة إلى "حسن جوار حقيقي". الاعتراف بالوضع الراهن، وفق شروط واضحة. والتحذير من أن عدم الالتزام بها لن يبقى دون رد. شكرا على الوضوح.
المقالة تعبر فقط عن رأي الصحيفة أو الكاتب