تحت كل العناوين المتاحة والغير المتاحة يسعى الرئيس التركي رجب طيب اردوغان لإثبات حسن النوايا للجانب المصري من باب لعل وعسى يقبل المصريين بتحول تركيا من جانب الخصم إلى جانب الصديق أو على الأقل غير المعادي للمصريين بعد السنوات السبع التي ناصب فيها الأتراك المصريين الذين أسقطوا حكم جماعة الإخوان في ثورة يونيو 2013.
الخطوات التركية لاسترضاء الجانب المصري وإن مازالت لم ترق للمصريين برغم أنها جاءت عبر الأذرع الإعلامية التي لطالما ادعت بأنها تتكئ على الجدار الأشد قوة في إشارة للرئيس أردوغان الذي كانت تروج له بأنه الخليفة والسلطان وغيرها من الألقاب والعبارات التي تبددت وتلاشت مع الموقف المصري المعلن سياسياً بما يمكن وصفه بـ "خط سرت الجفرة" المحدد من قبل الرئيس السيسي تعبيراً عن رفض مصر للتدخل التركي في ليبيا.
الإرادة السياسية المصرية تحولت لإدارة الصراع مع تركيا وتدخلاتها في الشؤون العربية، ومن المهم في هكذا سياق التأكيد على أن المصريين قرروا مواجهة تركيا عبر إدارة صراع سياسي بكل الأدوات الممكنة على طاولة الشطرنج الممتدة عبر شرق البحر المتوسط والقضية الفلسطينية بتحديد المرتكز لكل التحرك التركي عبر تنظيم الإخوان كمشروع ممتد عبر التاريخ العربي وله امتداده في المؤسسات الوطنية العربية.
تعرف تركيا بأن عليها تقديم التنازلات وتعرف أن استرضاء مصر عملية معقدة للغاية فمنتدى غاز المتوسط شكل قاعدة سياسية تقوم على مصالح اقتصادية تجمع دول لها عضوية في الاتحاد الأوروبي ومنها يستشعر الفرنسيين أهمية دورهم الاقتصادي والسياسي وضرورة تحجيم تركيا في حلف الناتو وهي الفرصة المواتية لمواجهة الإسلاموية المتصاعدة بدعم تركي.
لم يكن امام أردوغان غير تفكيك الانسداد السياسي والاستجابة لمطالب المصريين القاسية جداً والتي بدأت بتخفيف الخطاب الإعلامي العدائي للدولة المصرية والذي لم يرضي المصريين كما يبدو فجاء إعلان رموز الإعلام المعادي للنظام المصري بإعلان وقف البرامج وحزم الحقائب استعداداً لمغادرة الأراضي التركية استجابة للإرادة المصرية واشتراطاتها التي تتضمن تسليم المحكومين في قضايا أمن الدولة الفارين إلى تركيا.
الاسترضاء التركي يجب أن يتحول إلى أفعال كما طلبت الخارجية المصرية وهو ما سيحدث في النهاية وسيجتمع أفراد تنظيم الإخوان في السجون كما حدث مع أسلافهم عندما زج بهم الزعيم جمال عبد الناصر في الزنازين لتآمرهم على وطنهم وهكذا سيكون مصير الذين ارتهنوا لأفكار صنعت في الغرف المظلمة وجعلت من أردوغان خليفة للدولة الوهمية الطامعة في البلدان العربية المستقلة.
الإعلاميون أو الابواق المستأجرة ها هي تباع بأثمان بخسة وبقيمة زهيدة جداً لاسترضاء الشعب المصري الذي اثبتت الأيام أرادته وقيمته في ثورته السياسية ورفضه للايدلوجية السياسية فالبقاء للأوطان وليس للمشاريع العابرة في الدهاليز وخلف الستائر، إلى أي مدى سيرضى المصريين يبدو هذا السؤال الصعب على دوائر القرار في تركيا التي تدفع ثمن سنوات الرهان على قطيع الإخوان الضالين.