تعطي الجزائر اليوم صورة محتملة عن سورية المستقبل، إذا تصوّرنا أن سورية تعيش اليوم السنوات السوداء التي عاشتها الجزائر في العقد الأخير من القرن الماضي. هناك ما يدعم التشابه بين البلدين. استقر الصراع الدموي فيهما بين قوى متشابهة، قوى جهادية إسلامية مقابل قوى السلطة المستبدّة، سوى أن مؤسسة الجيش في الجزائر هي مركز الثقل في هذه الأخيرة، الأمر الذي سمح للجيش بإجراء تغييراتٍ أو حتى تصفيات في الرئاسة، أما في سورية فإن مركز الثقل في قوى السلطة هو للرئاسة التي حافظت على نفسها، وكانت التغييرات والتصفيات من نصيب جنرالات الجيش وقيادته (استقالة وزير الدفاع علي حبيب أو إقالته في أغسطس/ آب 2011، ثم مقتل ضباط خلية الأزمة بعد عام).
من الراجح أن يتموضع في سورية، بعد حين غير بعيد، نظام سياسي يعكس اجتماع عنصرين متداخلين، هما التوافق الدولي وتوازن القوى الداخلي. سيكون هذا النظام معادلاً لنظام الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة الذي استطاع احتواء العنف في البلاد (وإنْ على حساب العدالة)، من دون أن يؤسّس لعلاقةٍ ديمقراطية بين السلطة والشارع. وقد اعتاش نظام بوتفليقة على هذا الإنجاز عشرين عاماً في مجتمع جزائري أنهكه الصراع الدموي المديد والعدمي.