إعلانات

الدوحة عاصمة الثقافة الإسلامية فرصة لتعزيز جماليات الخط العربي

اثنين, 21/06/2021 - 12:39

أكد عدد من مبدعي وخطاطي الخط العربي من قطر والعالم العربي أن استضافة الدوحة عاصمة الثقافة في العالم الإسلامي 2021، تعد فرصة لتأكيد روعة وجماليات الخط العربي عبر الحضارة الإسلامية، مؤكدين أن الخط العربي يعتبر من أهم الفنون التي أبدعتها الحضارة العربية الإسلامية وأكثرها انتشاراً في بلاد العرب والمسلمين على السواء، فنجده في عمارة الأبواب والنسيج والأواني والأثاث وغيرها.

وأوضحوا في تصريحات لوكالة الأنباء القطرية /قنا/ أن الخطاطين العرب والمسلمين على اختلاف مدارسهم، وأماكنهم استطاعوا أن يجعلوا من الخط العربي أداة للتعبير الجمالي عن القرآن الكريم، تجمع بين تجريد المعنى ومادية الرسم، حتى استطاع المبدع والخطاط المسلم في بعض الأحيان إدخال أكثر من خطٍّ في اللوحة الواحدة، ممَّا أضفى على عطائه بهاءً وجمالا.
الخطاط القطري راشد المهندي، والذي يعكف حاليا على كتابة مصحف كتارا، قال" منذ نزول القرآن الكريم وبدء تدوين الوحي تنافس الكتاب، والخطاطون على تجويد كتابة المصاحف الشريفة وإخراجها في أبهى صورة، فتطور الخط منذ تلك اللحظة، وبهذا الوازع انطلقت إلى جانب الخط فنون أخرى، لترفد هذا الفن ما يزيد المصاحف جمالا وبهاء، فتطورت فنون الزخرفة والتجليد والتذهيب ثم امتدت لتشمل العمارة وتزيين الجوامع والأسبلة والخانقاوات وغيرها من تجليات الفنان المسلم في فن الخط، فكان الخط هو القاطرة التي قادت سائر الفنون الإسلامية الأخرى" .
وأضاف أنه مازالت للخط العربي جاذبية رغم خفوتها بسبب مزاحمة أسلوب الحياة العصرية، ولكننا بدأنا نشهد في السنوات الأخيرة اهتماما متزايدا بهذا الفن الأصيل وبدأت فئات من الجيل الشاب تهتم بتطوير وعيها وممارستها لهذا الفن وأصبح عدد من يقعون في حبه في ازدياد ضمن فئة الشباب، وهو مما يثلج صدور محبي هذا الفن.
وتابع : هذا العام مع احتفالية الدوحة عاصمة الثقافة في العالم الإسلامي 2021 كلنا أمل بما عهدنا في دولتنا الحبيبة من حسن التنظيم والإبداع في الإدارة أن تكون هذه المناسبة فرصة سانحة للدفع بهذا الفن الأصيل للواجهة من خلال رفع الوعي بقيمته وجمالياته، ودعم المواهب الشابة في هذا المضمار وإقامة المعارض والمحاضرات والدورات والمسابقات، وغيرها من الأنشطة المستكشفة للمواهب والمحفزة للطاقات، مشيرا إلى أنه كدارس للفن وممارس للخط فإن الخط أصبح جزءا لا يتجزأ من حياته، لاسيما خلال التجربة التي يخوضها في كتابة المصحف الشريف.
وقال أستحضر خلال مروري بهذه التجربة كل ما تراكم من تجارب السابقين عبر القرون، وأرى في كتاباتهم للمصاحف موردا عذبا أنهل منه، واستقي ما يحفزني ويلهمني، وأستشعر من خلال مشاهدة تلك الأعمال الخالدة آصرة تسري فيها وتربط بين المنتسبين لها منذ كتابة الأحرف الأولى لكلام المولى عز وجل على الرقاق والعظام والجريد إلى عصر التقنية الذي نعيشه.
من جهته أكد الدكتور علي عفيفي علي غازي الباحث في التاريخ، أن استضافة الدوحة عاصمة الثقافة في العالم الإسلامي فرصة لإبراز الخط العربي كجوهر الفنون عند المسلمين زمانيًا، لأنه يمثل الأساس الذي قامت عليه الفنون الإسلامية لأكثر من 14 قرنًا، وتمحورت حوله باقي الفنون كالزخرفة، والتذهيب والرقش والتجليد وغيرها من الفنون، مشيرا إلى أن الخط العربي كذلك يمثل جوهر الفنون الإسلامية مكانيًا، لأنه يشكل مجالات الفن الإسلامي في صورة تميز وحدة الأمة الإسلامية في عقيدتها وتاريخها وعلومها وفنونها على امتداد رقعة العالم الإسلامي من بلاد ما وراء النهر وبلاد تركستان وصولا إلى الأندلس.
وأضاف أن الخط العربي يمثل جوهر الفنون الإسلامية موضوعيًا، إذ إن نظرة المسلمين للتجسيد المادي في الرسم جعلتهم يتجهون لفن الخط العربي، الذي ارتبط بالقرآن الكريم، فأبدعوا وتفننوا فيه، واستولدوا الخطوط، حتى بلغت أنواعها أكثر من 20 نوعًا، بل إن النوع الواحد منها تفرق إلى فروع كثيرة، فمثلا الخط الكوفي، عرفوا منه الكوفي المورق، المزهر، المربع، كوفي المصاحف، وغير ذلك.
وأوضح أنه على اختلاف الآراء التاريخية في نشأة الخط العربي التي تعود إلى ما قبل الإسلام، فإن الخط العربي لم يعرف كخط إلا منذ القرن الثاني الهجري تقريبًا، حينما استخدمه المسلمون في زخرفة المساجد والجوامع والمدارس والمستشفيات والقصور والمكتبات، وغير ذلك من منشآتهم المعمارية، مؤكدا أن الخط العربي خير شاهد على تاريخ المسلمين وحضارتهم، فرحلته تعطي فكرة عن طبيعة الدولة الإسلامية وأهدافها وأساليبها.
كما أشار الباحث علي عفيفي وهو صاحب كتاب "أعلام الخطاطين" إلى تميز الخط العربي في قطر وأنه وجد بها مدارس خطية متميزة وفريدة ما يعطي زخما إضافيا خلال فعاليات الدوحة عاصمة الثقافة في العالم الإسلامي .ومن جهته قال الخطاط العربي عبيدة البنكي ،الذي قام بنسخ مصحف قطر، تمتع فن الخط في الحضارة الاسلامية بمكانة أرفع من غيره من الأشكال الفنية كونه الوسيلة التي انتقل ودوِّن فيها القرآن الكريم فكان من الطبيعي أن يشكل الخط عاملاً موحداً من الناحية الروحية ويحتل مكانة متميزة ورفيعة لما في طبيعته من رشاقة وانسياب وقدرة متميزة على التشكل والتنوع.
وأشار إلى أن الخط العربي ينقل لنا من خلال حروفه قيم فنية وجمالية معينة ، فمن خلال الكلمة المجودة فعندئذ يلتقي جمال الكلمة مع قدسية المعنى وتمتزج الثقافة بالفن ويختلط أحدهما بالآخر ليصبحا معاً وسيلة من أعظم وأرقى وسائل إيصال المعرفة الى الانسان تزرع فيه تذوق الجمال وتربي فيه القيم الروحية العالية .
وأضاف أن الخط العربي عبارة عن عملية هندسية تنطوي على قواعد صارمة، كما أن به مسحة من الروح لدرجة أنه أحياناً يعكس الحالة النفسية للخطاط، فلو كان الخطاط فرحاً مثلاً فإن ذلك سوف ينعكس دون شك على الخط، ولو كان منقبضاً فإنه سوف ينعكس عليه أيضاً، لافتا إلى تجربته في كتابة مصحف قطر فهو يتميز عن المصاحف الموجودة بعدة ميزات، أبرزها: أنه كان ثمرة لمسابقة دولية شارك بها 120 خطاطاً هم من أفضل الخطاطين في العالم الإسلامي.
وقد اهتمت النساء كذلك بالخط وفنونه ومنهن الخطاطة والفنانة الكويتية أريج السالم التي أوضح أن الحضارة العربية الإسلامية غنية بالفنون والمواهب الإبداعية في مجالات عديدة ،فقط نشط فن الخط العربي بشكل جلي بعد تدوين القرآن الكريم، وصار فناً له أصوله وضوابطه تحت قدسية الكتاب.
وأضافت أن الخط العربي استطاع أن يدون الشعر والقصة والخطبة، فيتحول إلى سجل تأريخي وذاكرة الإبداع الإسلامي في حمله لأعظم آثار العرب المسلمين ويحتفظ فيها إلى ما شاء الله، فضلا عن تعبيره للتطور الذي حصل عليه من أثر الزخرفة والنقش وغيرها من الفنون التي أثبتت ذوق الحضارة وأصالتها، حين جمعت الجمال والتاريخ والقيمة الأخلاقية والقدسية.
وأكدت السالم أنه على الرغم من التطور التقني والتكنولوجي والحاسوبي في الكتابة والتدوين فقد حافظ الخط العربي على مكانته وأصالته، بفضل حفظ كتاب الله من جانب، والمهتمين من المسؤولين من جانب آخر، فالمعارض والمنتديات والمسابقات النشطة على مختلف الأصعدة، ومختلف البلدان التي تنشط لتأصيل هذا الفن لهو دافع كبير لبقاء هذا الفن متحدياً كل الصناعات الكتابية الأخرى. وهذا ما يمكن أن يشكل إضافة لفعاليات الدوحة عاصمة الثقافة الإسلامية لتعزيز هذا الفن الإسلامي الجميل.
وأشارت إلى أنه مما يسعد القول به أن فن الخط يتمتع بحظ وافر لدى أفراد المجتمع، فالانتساب للدورات الخاصة في تعلم الخطوط على أصولها كفيلة بضمان وبقاء هذا الفن ، لافتة إلى تجربتها الذاتية عندما قامت به شخصياً بعد تمكنها من دراسة الخط العربي فأقامت الدورات الخاصة بالنساء كنوع من نشر هذا الفن وتعزيز قيمة الحرف كجزء من الفنون الجميلة التي لها طابع مختلف بين الفنون ، فتطوير الخط العربي و محاولة دمجه مع باقي الحضارات واعتباره جزءًا لا يتجزأ من الفنون هو غايتنا ومطلبنا ورسالتنا ايضاً
ولا ننسى أن الفنان المسلم المبدع في فنِّ الخطِّ لم يقف عند حدود الحرف وتحسينه، بل قطع شوطًا آخر، إذ جعل الحرف نفسه مادَّة زخرفية، فتحوَّلَتْ لوحاتُ الخطِّ إلى لوحات جمالية زخرفية، وهكذا كان تراث المسلمين رائعًا في مجال الخط العربي.