تنطلق الاستراتيجة الذكية التي انتهى اليها الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز من واقع أولي هو "تسامح أو تساهل" نظام خلفه الرئيس الغزواني معه, ومنحه أفضلية ونعومة, لم يحظ بها أي رئيس سابق عارض النظام أو خشي معارضته; ابتداء من الرئيس المؤسس المختار, والرؤساء الانقلابيين الذين تلوه وسِيمُوا مثله السجن ولإهانة والعزلة... وانتهاء بالرئيس المدني المنتخب سيدي الذي أطيح به ظلما وعدوانا وذاق السجن والاهانة والعزلة على يد ومسؤولية نفس هذا الرئيس السابق, الشاكي, ولد عبد العزيز! وبالمقارنة مع كل أولئك ورغم رفضه التعاون وتحديه الصريح للنظام وحتى للدولة نفسها (الدولة تعاند حت بيها ال ماهي خالگه!), ما زال ولد عبد العزيز يتمتع بقدر من الحرية والتمكين, رغم قرارت المراقبة والاقامة الجبرية, القضائيتين. وسواء كان ذلك بسبب حرص النظام الشديد على اتباع المساطر القانونية وصبره وطول نفسه, كما يقول أنصاره, أو كان بسبب الضعف والخوف والخور, كما يقول معارضوه, فقد قرر ولد عبد العزيز استغلاله لأقصى الحدود وبنى عليه استراتيجيته الجديدة, التي لم تعد تعول على الدفاع القانوني والمحامين ووقفات الاحتجاج... وهي استراتيجية ترمي أولا لتحقيق هدف واحد هو تسييس القضية. وقد باتت هذه الاسترتيجية تقوم على أثافٍ ثلاث:
١- الهجوم على النظام وانتقاده بشدة وتعبئة خلايا إعلامية تجلده عبر وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي; بلغت أوجها بافتتاح صفحة لولد عبد العزيز شخصيا على الفيسبوك.
2- التظلم والشكوى من الاستهداف الشخصي, واستجداء التعاطف الشعبي عبر التذكير بالانجازات التي ملأت دعايتها سنين العشرية, ثم لفٔتُ الانتباه إلى بساطة الرجل وقوة عزمه من خلال مظاهر التظلم والانصياع للقانون, والتي بلغت أوجها بالسير على الأقدام في لباس شعبي وهيئة بسيطة لأداء ما فرضه عليه القانون من تسجيل حضور جائر لدى مخفر الشرطة...
3- التجاهل المطلق لطبيعة الملف جوهر القضية وأساس الاتهام, وهو الفساد والإثراء غير المشروع من السلطة... فهذه قضايا واتهامات يجب تجاوزها والحديث والعمل على أساس أنها غير موجودة, وما يتردد منها هو أكاذيب للتغطية على الاستهداف السياسي, الرامي الى حرمانه من حقه في ممارسة السياسة, لخوف النظام من "قوته السياسية"! والحق أن السياسة في استراتيجية الرجل هي ذات أهداف متعددة متدرجة; أسماها العودة الى السلطة, وأدناها استعادة "الغنائم" والفوز بها دون مساءلة حقيقية تنقص منها أو تضايقها... يتمتع الرئيس السابق بالذكاء والجرأة والمعرفة الدقيقة بنخبةٍ "هوائية" لا تثبت على شيء, وشعب ضعيف جاهل لا يبالي ولا "يعدل ولا يميل" خاضع خانع متى وجد سائسا قوي العصا وطويل الحبل!!
وبالاضافة الى ذلك سيكون سلوك النظام وإخفاقاته وفساده, أو نجاحاته وإنجازاته الكبيرة وإصلاحاته (الغائبة حتى الآن)...
أقوى مؤثر في نجاح أو فشل استراتيجية الرئيس السابق كلها.
ولله الأمر من قبل ومن بعد
نقلا عن صفحة الاستاذ : محمد محفوظ أحمد .