قد يبهرك أن 15 مليون نسمة يقطنون مساحة لا تجاوز 26.4 ألف كلم2، (0.002% من مساحة موريتانيا ) بدون منافذ بحرية و بعيدة من الأسواق، وباطنها يكاد ينت زرعا ، ثم يكون نصيب الفرد من الناتج الداخليPIB par habitant 2100 $ سنة 2017، و يكون هذا الناتج معبر عنه بالقدرة الشرائية PIB en PPA 24.6 مليار دولار، ولا تتجاوز نسبة البطالة 1.3% . ولا يزالون يخلقون 50000 ألف فرصة عمل سنويا ، دون احتساب المقاولات الحرة !
هذا ملفت للانتباه فعلا لكنه ليس معجزة، إنه مجرد إعمال قانون السبب و النتيجة !
بول كاغامى ، أعمل الأسباب التالية :
- حرم أي مظهر أو تعبير يحمل إشارة قبلية أو جهوية أو فئوية، فلا مبادرات بإسم الولاية ، ولا دعم بإسم القبيلة ، ولا مساندة بإسم أطر كذا و وجهاء كذا .. و بالطبع لا تنفق الدولة الروندية المال العام بمبرر فئوي ولا تمييز مهما يكن إيجابيا أو سلبيا ، ولا تشيل على أي من مواطنيها ولا تبني له داره مهما كانت مخلفات ماضيه . كل المواطنين الروانديين متساوون في التمكين من مقدرات الدولة .
وكان صارما في هذا لدرجة أن من كان أسمه العائلي يحمل إسم القبيلة كان عليه أن يبدل حالته المدنية !
- ألغى التأشرة وفتح البلاد أمام الجميع ، وحرر السوق وجعل التنافسية هي العملة الوحيدة المتبادلة ، و الشفافية هي القاعدة السائدة، لا محاباة ، لا عمولة ، لا تميز إيجابي ولا سلبي ،واحتلت روندا المرتبة الرابعة لترتيب Transparency International، ما فم خلي عنك ذ ، و لا ذ جاي من فوك، ولا ميزة تفضيلية، ولا إقصاء مهما يكن موقعك من البطرون .
- أصلح العدالة ، فلا تتدخل الدولة في القضاء، ولا تتراكم القضايا في المحاكم، و لا تحية بين القضاة والمتنازعين، ولا يتفاضل المحامون بكفاءات الصمصارة، و لا يحكم مع وقف التنفيذ !
- ركز على التعليم و خصوصا للذين فوق سن الخامسة والعشرين، حتى وصلت نسبة التمدرس 98% حسب اليونسف 2018.
- أعتمد على الموارد الذاتية المتواضعة ، وجعل الزراعة الرافد الأول للاقتصاد ومصدر العملة الصعبة . وأستثمر في التكنلوجيا والمعرفة.
- أهمل الدين الخارجي ،و عزز ضمانة الفرنك الروندي لدى صندوق النقد الدولي ، وحافظ على قيمة الصرف مقابل اليورو ، وبذالك صمد الفرنك الروندي طيلة 10 سنوات من 2009 الى 2019 ولم يتغير سعره مقابل اليورو إلا ب 0.005% . ولا توجد سوق سوداء في روندا !
- قضى على المركزية و حرر الاستثمار و شجع الاستثمار الوافد بما شجع به المحلي ، فلا تحتاج أن تعرف كاغامى و لا من يعرفه لتحصل على رخصة ممارسة النشاط ، وإطلاق مشروعك .
- خلق إطار لتسهيل ولوج المقاولات و مشاريع الشباب إلى التمويل ، وتكفل بالضمانة .
بكل بساطة هذا ما فعله بول كاغامى ، ولا إعجاز !
لكن المعجزة حقا هي أن يتربع أقل من 2.3 مليون نسمة (نسبة السكان النشطين من أصل 4 مليون هي النسبة الديمغرافية) على 1030700كلم2 من الأراضي الزاخرة بكل المعادن المعروفة إلى حد الساعة ،والأراضي الخصبة ، و الأنعام والحرث،والسماء التي تمطر دولارا كل يوم، وتمتد على 700كلم هي أغنى شاطئ على الكوكب، 700كلم من المنافذ البحرية المطلة على الأسواق العالمية ، ثم لا يجد 40% منهم ما يسدون به رمقهم ، 840000 يعيشون تحت خط الفقر . و 15 % لا يعيشون هناك أصلا ( مهاجرون ) ، و98% لا يعيشون بعد 63 سنة ، و 97% لا يتجاوزون الباكلوريا، وإذا تجاوزوها لا يسمح لهم بولوج التعليم إذا لم يسعفهم العمر بأقل من 25 سنة ، وإذا فعل فلن تسعفهم السوق بما يشغلون به بطالتهم، ويسدون رمقهم ، فهم على لائحة الانتظار للالتحاق بأحد الفريقين : الذين يعيشون تحت خط الفقر ، أو الذين يهجرون الأرض ريثما ينضموا للذين تحت الأرض ،انتظارا ليوم العرض !
المؤلم حقا أن هذا، من عجز القادرين على التمام ، قد يخال من الخرافة وهو صدق !!!!!!!!!!!!!!!
رواندا ليست معجزة ، بل نحن المعجزة !
إننا نسير على خطى الهنود الحمر .