إعلانات

مسارٌمَّا.. ذو دلالة مَّا / فضيلة القاضي هارون ولد إديقبي

سبت, 11/07/2020 - 15:19

الحديث عن "مسارٍ مَّا" يقتصي التمعن في معالمه بلغته وجغرافيته و تاريخيته ومآثريته وزمانه.
وما من شك أن مسارا بدأ رسمه من بوصلة المجد لن تتيه به ماءٌ من الماءات الكثيرات التي أفسدت مسارات أخرى لم تبدأ منطلقها من أسس حضارية هي عينُ السلامة...وعين السلامة قرية بنواحي بوتلميت تبوأها دارا الشيخ عبد الله ..كزمخشر الا أنه ليس كالرَّدَّاد حتى يجتازه أعرابي في مساره نحو خَوارزمَ.
فجميع قُرَى الدنيا سوى القَرْيَةِ التي
تَبَوَّأها داراً فِداءُ زَمَخْشَرا
و لا شك أن مسارا تعقبه بالتوجيه الشيخ عبد الله ولد الشيخ سيديا لن يكون تائها...بل إنه أحد المسارات الفارقة في تاريخنا الوطني ولنا في هذه الربوع قصة مع التاريخ حكاها بتوجٌّع جد الكاتب بل تحكيها فصول مذكراته هذ مسار مَّا.
لقد كان لي شرف الاطلاع على ما كتب الشيخ المخضرم والمثقف الغطَمْطم و الإطار اللامع و الانسان الرائع المنزوي في ركن قصِيّّ من أعالي ذرى المجد في عين السلامه زمخشر آمِشْتِيلْ.. وأحْرِ بأَنْ تُزْهَى زَمَخْشَرُ بامْرئٍ
إذا عُدَّ في أُسْدِ الشَّرَى زَمَخَ الشَّرَا
الاستاذ أحمد كِلِّي ولد اسماعيل ولد محمد ولد الشيخ سيديا عن مسار طويل من مسارات التاريخ..
يعود بنا إلى حقبة التخيل لاحداث لم نشهدها إلا سماعا تدور أحداثها على أرض الرجال..وتلخص لنا نهاية مسار التأسيس..الذي ابتدأ بنضالات فكرية... فعلية قام بها الشيخ سيديا الكبير من أجل اقامة كيان مركزي ثم ظلت تتْرى مع حفيده الشيخ سيديا باب إلى أن آلت الى الشيخ عبد الله الذي ختم ذلك المسار مع كوكبته الخالدة بتحقيق حلم أعيى الكثيرين تخطَّفتهم مسارات شتَّى ذلك الحلم هو إقامة دولة مركزية في هذا المنكب البرزخي..هي الدولة الوطنية التي كان لأحمد كلي حضور بارز في كتيبة بُناتها الأُول المعروفين "فيلق المختار ولد داداه التاريخي" : وزير سفير مستشار محامي نقيب سياسي مثقف ومنظر كبير.
لقد كان حضور راصد هذا المسار الاستاذ أحمد كلي بارزا وفارقًا في صناعة معالم ذلك المسار لينقل لنا مآله بصدق وبعاطفة جياشة و بموضوعية كبيرة تمتزج فيها فكرة الحق بواقع الحقيقة امتزاج أفكار القانوني بالمؤرخ الكبير..الذي خبِر الحياة واستخلص منها ما ميَّز مساره هذا.
لن أخفيكم انبهاري بمسار هذا العملاق لانه باختصار كشكول صنع في الاعالي بأيادي فاضلة سيعرفها من غاص في أعماق مساره الاجتماعي..الذي ارجو أن يكون بارزا في الجزء القادم.
ورغم أني من بين القلائل الذين لم يزوروا عين السلامه إلا مرة واحدة كانت كافية لترْسِيم ما انطبع في ذهنية طفل صغير امتلأت أذناه بذكر الكاتب وجده وعيناه من رؤيته مآثره المتجسدة.. إلا أن مساره الحياتي وجمعه بين علو الكعب في الإطارية والبساطة في الحياة والصرامة دون تطبع في التشبث بنمط حياتي نظيف جعلني مفتونا بمسيرته عن بعدٍ..قريبٍ اجتمعا كاجتماع القريب و البعيد في مساره الظافر.
و لن أكون مبالغا إن قلت إن الاحداث التي يرسم لنا الكاتب في هذا المسار الحضاري الجامع كانت ستوصلنا في النهاية الى برِّ الأمان.
الأجمل أن الكاتب يتحدث عن مسارٍ شواهده قائمة وشهوده على قيد الحياة سيجمعون على موضوعية وتواضع تضجُّ بمهما المذكرات أقول المذكِّرات بمسار مَّا ضيعناه يا أسفا كما ضيعنا كاتبه وأي فتى أضاعوا...الاستاذ أحمد كلي الذي نحتاجه اليوم ونظراءه من قدامى المحاربين في لجنة من الحكماء المحنكين المخضرمين الذين ما كنا لنرى أبعد منهم اليوم إلا لأن أكتافهم تحملنا بصبر ...وذلك من أجل تصحيح المسار.
من أعماقي أشكره على التجاوز الى قنطرة السابقين...فالتاريخ يُسجِّل والسابقون لهم الاجر الأعظم.
انواكشوط بتاريخ ذي دلالة مَّا : 10 يوليو 2020 .