إعلانات

الكاتب البراء ولد محمدن .. يكتب عن رحلة قادته إلى الشرق الموريتاني

خميس, 06/02/2020 - 11:24

يعد السفر من الأمور المسلية في نظري، رغم ما يواجه المسافر من ظروف قد تكون في بعض الأحيان صعبة. تمكنني هذه الأسفار دائما من التعرف على مناطق وأشخاص جدد وعادات وتقاليد جديدة علي هي الأخرى. وأشاهد مشاهد مختلفة حسب المناطق التي أمر بها.
تغرب عن الأوطان في طلب العلى ~~ وسافر ففي الأسفار خمس فوائد
تفرج هم واكتساب معيشة ~~ وعلم وآداب وصحبة ماجد.
بعد أيام من الاتصال بأخي العزيز سيدي ولد عبيد تم الترتيب للذهاب إلى مهرجان النعمة. اتصل بي قبل انطلاق بعثة هيئة المدن القديمة بيومين فجهزت حالي، وطلب مني أن أذهب إلى مقر الهيئة لأطلع على البرنامج المعد للمهمة.
جئت إلى مقر الهيئة الواقع غرب بناية البنك المركزي، فوجدت هناك رجلا أسمر البشرة هادئ الطباع مرحا في حديثه. أخذ اللائحة وبدأ يمعن النظر فيها. جاء ساقي الشاي يحمل كؤوسا فأمره الرجل أن يناولني كأسا فاعتذرت عن شرب الشاي شاكرا كرمه، لكنه عقب بأن من يرد كأسا من الشاي ينبغي أن لا يذهب إلى المدن الأثرية!
أثناء ذلك الحديث المتشعب الذي يتخلله البحث في اللوائح وجد اسمي وذكر أني سأكون ضمن رفقة تضم نائب مدير الهيئة الأديب الدوه ولد بنيوگ، والأديب الأريب صاحب الربط محمد فال ولد سيدنا، وسررت برفيقي رغم أني لم ألتق بأحد منهما من قبل، لكنني تعرفت عليهما من خلال الإعلام المرئي. وسأتحدث عن صديقي محمد فال بالتفصيل خلال حديثي عن مقامنا بولاته، ولن أنسى الحديث عن أخلاقه وتواضعه.
زودني ذلك الرجل بأرقام رفيقي وكنت أتصل أكثر الوقت بالأخ محمد فال، وكان يرد على مكالماتي ويتحمل إزعاجي بكل أريحية، أما الآخر فكان هاتفه يحيل إلى البريد الصوتي، وفي بعض الأحيان تعتذر عنه الشركة.
في حدود الساعة الرابعة مساء اتصل بي محمد فال وقال إنهم في انتظاري عند إحدى محطات توجنين فالتحقت بهم هناك، وانطلقنا قبل النعمة عاصمة ولاية الحوض الشرقي.
كان معنا رجل رابع من ولاية الحوض الشرقي يعمل - هو الآخر- بوزارة الثقافة هو الأستاذ محمد ابراهيم ولد الغلاوي؛ وهو أستاذ تاريخ، ويمتاز بثقافة واسعة. فقد مكنه تخصصه من معرفة التاريخ والجغرافيا معرفة دقيقة. فتح الله عليه في أنساب الناس ومعرفة القبائل، وله إلمام بتاريخ منطقة الجنوب، كما أنه معجب بشعرائها وكتابها. وقد تعرفت عليه أكثر طيلة مقامنا بولاته. وسأتطرق لمقامنا بولاته لاحقا.
انطلقا من انواكشوط وقطعنا محور انواكشوط بتلميت قبل صلاة المغرب، ولم يكن هناك ما يلفت انتباهي، لأنني سلكت ذلك المحور مرارا. وعند وصولنا آجواير تذكرت قول لمغن:
متفگد ليلة فآجوير~~آنَ والمولع بيها
ذيك الليلة لُعاد خير~~فالدنيَ ريتُ فيها
حال الظلام بيني وبين مشاهدة ما بين آجوير و و ألاك و مگطع لحجار، الذي وصلناه في حدود الساعة العاشرة ليلا.
و عند دخولنا مدينة ألاك تذكر ت قول آخر :
طاحْ أعلَ حدْ امن اهْل ألاگْ ~~ عَند أفَّام الولاية باگْ
أمْنْ أگلاصْ ؤبيه التخراگْ ~~ خلَّ باگْ أگلاصُ واخلاصْ
گمتْ آن من عزَّت لخلاگْ ~~ وللَّ منْ خوف إذُوب أگْلاصْ
طَيتولُ واژدَفن يَخْلِيهْ ~~ يغير آن منْ عندْ الرَّاصْ
إگَد اطْياحْ أگلاصْ أعليهْ ~~ إطِيحْ أعليَّ كان أگلاصْ
بمدينة مكطع لحجار صلينا العشاءين جمع تأخير، وتناولنا وجبة عشاء من مشوي المگطع الرائع. كانت أضواء المطاعم تزين المكان، وسألنا أصحابها عن دورة المياه فكان جوابهم جواب تخلص "الدوشات هك" ذهبت إلى تلك الجهة التي أشار إليها لكن (أكرمكم الله) قذارة المكان تمنع من استراحة الإنسان!!
عند انتهائنا من الشاي توقف الباص سونيف القادم من مالي فصاح نذير أن راقبوا أمتعتكم، وبدأنا نستعد لمغادرة مكطع لحجار الذي امتلأ بأشخاص تائهين حيارى، وربما سبب ذلك طول السفر ، و حين كنا نهم بمغادرة مكطع لحجار تذكرت قول الداه ول ابات:
تخليتك محال~~مابيها نندار
ماني منك مال~~اولامگطع لحجار
انطلقنا متجهين إلى مدينة كيفه التي وصلناها في حدود الساعة الواحدة والنصف ليلا، و تبوأنا غرفا في إقامة قرب دوار ميارة. ويبدو أنها أن جل رواد الإقامة تلك الليلة كانوا من ذوي الاحتياجات الخاصة! ولم تكن نظرات الزوار المريبة تبعث على الارتياح.
بتنا بقية ليلتنا في مدينة كيفة، وكان للبعوض نصيب لا يستهان به من ضيافتنا رغم أن المكيف بات يعمل حتى الصباح. استيقظنا صباحا فأدينا صلاة الصبح فرادى، وذهبنا إلى أحد المطاعم لتناول وجبة الإفطار، وفي ذلك الصباح تعرفت على خبز كيفة "امبور لحطب" وتلك قصة أخرى...

يتواصل بإذن الله