إعلانات

رسالة غير مُشفَّرة إلى الرئيس ولد الغزواني و الفريق ولد مكت (نص الرسالة)

أحد, 03/11/2019 - 14:26

فتح بوابة السياج بهدوء حتى لايوقظ خالته، وتسلل نحو الكوخ المخصص للطبخ، وأخذ يسحب الماء من البرميل ليضعه في إناء يغسل به آثار الدماء على كتفيه ومرفقيه وركبتيه، استيقظت خالته، فحاول أن يخفي عنها الأمر، سألته بدهشة متى أتيت؟ وماذا تفعل هنا؟ أجابها بتردد لاشيء لاشيء، كنت أشرب. ثم حاول الوقوف فلمحت آثار الدماء على ملابسه، فصرخت محتضنة إياه ماذا بك يابني؟ من فعل بك هذا؟ أجبني يابني؟ قال: لاشيئ لقد تعثرت على بعض الحجارة فأصبت ببعض الجروح الخفيفة. دخلت خالته الغرفة وأتته بثوب يغير به، وأخذت تمسح جراحه وتضمدها ببقايا علبة فازلين كانت ملقية في ركن الغرفة، وهي تقول: قل لي الحقيقة يابني، من فعل بك هذا؟ قل لي يابني ولاتخف، وأنا سأتصل في الصباح بابن اخي الذي يعمل حلاقا قرب مفوضية الترحيل، ولديه أصدقاء من الشرطة يمكنهم حبس من فعل هذا بك، قل لي ولاتخف. يابني أنت الآن رجل، وتدرس في الجامعة، وستكون طبيبا كبيرا تعتني بي وبأختك وبأهل الحي، فاهتم بدراستك وابتعد عن أصدقاء السوء، فقد كانت وصية أمك الأخيرة أن تهتم بدراستك وأن تكون طبيبا، هل تذكر ذلك؟ تذكر أمه يوم كانت محجوزة في المستشفى قبل سنة، وهي ترمقه بعينيها وتقول له: أريدك أن تنجح في الباكلوريا وتكون طبيبا مثل الدكتور فلان، تذكر كيف أنها دخلت غيبوبة نفس الليلة ولم تفق منها إلى أن توفاها الله، تذكر كل ذلك وهو يتحسس آثار الضرب على ظهره، ..أخفى دموعه بيده، وحنحن ليزيل الغصة التي تدفعه للبكاء، ثم قال: أتعلمين يا خالتي، كنت أود أن أحقق لأمي وصيتها الأخيرة، ولكن عندما تقدمت للجامعة، منعوني التسجيل بحجة أني بلغت 25 سنة، وقد اتفقت مع أترابي على أن نناضل من أجل حقنا في التعليم، لذلك أنا أتأخر عنك كل ليلة لأشارك في اعتصام الطلاب، فتقمعنا الشرطة وتضربنا وتسحلنا، وآثار الدماء على منكبي ومرفقي وركبتي من ذلك القمع، فماذا أفعل يا خالتي العزيزة؟ ثم انفجر بالبكاء كالطفل الصغير،وهو يقول: هل تذكرين صديقي أحمد الذي كان يراجع معي للباكلويا ونجحت متفوقا عليه؟ لقد سجله أهله في جامعة بالخارج، وسافر ليكمل دراسته، أما أنا .... حضنته خالته بين ذراعيها، وهي تخفي دموعها، فتفضحها غصة الحزن في نبرة صوتها، وهي تقول: لا عليك يابني، سأبيع خاتم الذهب الذي أهداه أبوك ذات يوم لأمك رحمهما الله، وكنت أحتفظ به كذكرى من أمك، قال لها وماذا يغني خاتم من تكاليف التسجيل والسفر والدراسة؟ ليس لنا إلا الصبر ..وعند الله تجتمع الخصوم.

نقلا عن صفحة المحامى النابه / Avocat mohamd elmamy .