إعلانات

ليس بالكهرباء وحدها يحيا الإنسان / المُبدِعْ محمد ولد باهاه

اثنين, 19/06/2017 - 18:40
المُبدع المدون المشهور / محمد ولد باهاه

ليس بالكهرباء وحدها يحيا الإنسان، يقولها لسان حال المسكينة 'صوملك'، أعترف لكم جديا أني فقدت الإيمان في كهرباء موريتانيا، و يبدو أنني قد تأخرت في ذلك كثيرا مع الأسف، بدأت في التأقلم مع بعض الحقائق الوخيمة، الشعب مغلوب على أمره ما بين موال لا يعرف سبب دعمه للحكومة و معارض لا يدري لم يعارض حقا، و ثالث لا يفهم شيئا بتاتا مما يدور في هذا البلد، الحقيقة المرة أننا ندور في دوامة من الضياع الله وحده يعلم متى ستنتهي! المدن تعج بالفقراء و المرضى و المثقفين، و أفكارنا المعلبة بشأن الإصلاح تتلاشى أمام صعوبات الحياة، الحياة أصبحت عسيرة حقا، لا تدري هل تبحث عن قوت يومك أو عن نفسك أو حبك الضائع أو تقوم بتضميد ما تبقي من أحلامك المغفور لها بإذن الله، يقنعك أحد الثقلاء بضرورة الكفاح، يقنعك غبي آخر أن كل شيء على ما يرام، و في الأخير يقنعك الواقع أن خيط الأمل المحترق بين حاضرك و مستقبلك كان وزرا كبيرا، تعود إلي رشدك أخيرا عن تعجز عن تسديد ديونك لصاحب الدكان المجاور، تعود إلي رشدك و أنت تستمع لخطاب مغشوش لوزير سيء السمعة ينصح المواطنين بالثبات، تخرج من بيتك لا وجهة لك و لا هم يحزنون، ثم تعود إليه كما خرجت منه أول مرة، تقترف ذنوب أنظمة من الخراب تتعاقب بكل قرف على أمرك و أمور هؤلاء المسالمين، إن تحدثت عن بعص حسنات الحكومة التهمك المعارضون و إن تطرقت إلي بعض منافع المعارضة رماك الموالون بعداوة الوطن و الدين و ربما أدخلوك النار يوم القيامة.
 سأعود إلي الظلام، بيد أني لم أبتعد عنه كثيرا، كلما انقطعت الكهرباء تعود بي الذاكرة إلي خيمة جدتي في البادية أيام الطفولة الأولى و ركوب الحمير و مطاردة الأرانب رفقة الكلاب، كلما انقطعت الكهرباء أرى جدي أطال الله عمره يتلو القرآن قبل شروق الشمس بجوار تلك 'الفرنة' و رائحة 'أم ركبة' المحترقة تفوح في المكان، و عبق التسعينات ينتشر هنا و هناك، كلما انقطعت الكهرباء رأيت ما تيسر من خيباتي و ما أمكن من الأمور التي عجزت عن تحقيقها، كلما انقطعت الكهرباء شتمت وزارة الطاقة و تساءلت هل نستحق كل هذا الخراب، قال مسؤول بليد في تلك الشركة قبل أعوام أن سبب الإنقطاعات المتكررة ناتجة عن أعطاب فنية في شبكات التوزيع و ليس لها علاقة بالطاقة الإستيعابية، حسنا، استخدم مصطلحا لم أعد أذكره، و لكن لا يهم، مذ أفقت على أنني مواطن موريتاني و الكهرباء تنقطع أثناء المباريات و في المرحاض و بعد غروب الشمس و قبل شروقها، اللهم لا تحملنا ما لا طاقة لنا به، لو لم نكن في أواخر شهر رمضان لطالبتكم بالدعاء على من تسبب في هذا الظلام، و لكن، ما علينا، سيحاسبنا الله جميعا، احترسوا من المال العام ما استطعتم إلي ذلك سبيلا، ماذا سيخبرون الله و قد أكلوا مستقبل شعب و ماضيه و حاضره ! 

نقلا عن صفحة المبدع / Mohamed Bahah