إعلانات

ورقة تعريفية عن منطقة ؛ لمريّه ؛ في الشمال الموريتاني (صورة)

اثنين, 02/01/2017 - 17:44

فى أرض وعرة بأقصى شمال شرق المنتبذ القصي تنبسط صحراء شاسعة تتحرك على سطحها عروق رملية تعرف بالمجابات الكبرى، تشبه صحراء النفوذ والربع الخالي و صحراء الدهناء، ضمن ما يعرف بحوض تاودني الغني بمناجم الملح والمعادن والثروات النفطية والغاز، ويعتبر حوض تاودني أكبر حوض رسوبي في غرب إفريقيا، على مساحة تقدر ب 1.500.000 كم بين المنتبذ القصي ومالي والجزائر ويمتد حتي حدود بوركينافاسو، وبتلك الصحراء وفي شمال شرق آدرار و شمال تگانت تقع صحراء “لمرية”، صحراء غنية بالثروات وبنقاط المياه العذبة، والتي كانت مجالا لتحرك قبائل الساحل حسب مصطلح بول مارتي، وخاصة قبائل انمادي الذين يقول عنهم ابن الأمين في كتابه الوسيط:

 “انمادي، علم على أناس تجمعوا للصيد من قبائل شتى، وسكنوا في القفار والمهامه، ولا يملكون غير الكلاب، وليس لهم طعام إلا لحوم الوحوش، ولباسهم الجلود، ومهور نسائهم الكلاب، وهم أشد الناس عدوا، حتى إن أحدهم ليطارد هو وكلبه الظبي، فيبسق كلبه، وهم أصبر الناس على العطش، وأشدهم هداية في مجهول الأرض، وأغلب إقامتهم فيما بين تيشيت وآوكار، وآخر تگانت، وأدافر، حيث تكثر الوحوش، وتخلو الأرض من الناس، وهم أشد الناس وفاء، بحيث لو أن إنسانا أطعم أحدهم أو كساه ثوبا، لجعل ذلك منة لا ينقضي شكرها، فإذا وجده في خلاء من الأرض دله على الماء، وسار معه إلى أن يبلغه حيث أراد، وهم آفة لضالة الإبل”.
 ويقول بعض المؤرخين إن "انمادي" هي لفظة "أنموذل" التي تعني الصياد باللغة البافارية القديمة وإنهم سليلو جماعات من البافار، القبائل اليهودية التي كانت تستوطن المنتبذ القصي، والذين كانوا يستخدمون الكلاب في حياتهم اليومية المعتمدة أساسا على الصيد فهم مجتمع لم يعرف إلى الاستقرار سبيلا وهذا ما يجعل الزراعة بالنسبة لهم غير ممكنة فعوضوا عن المحاصيل الزراعية بجمع الحبوب ومازالوا يزاولون نفس النشاط حتى اليوم في شرق و جنوب المنتبذ، و يرى مؤرخون آخرون إن كلمة “انمادي” هي تحريف لعبارة “نُومادْ” التي تعني باللغة الفارسية الرمال، وعلى ذلك يبني بعض المؤرخين فرضية أن يكون مجتمع “انمادي” من بقايا مملكة “نوميديا” القديمة وبالتالي قد يكون لهم صلة بشتات الفرس في الصحراء.
 كانت صحراء "لمريه" مجالا لتنقيب الشركات العالمية عن النفط والغاز غبّ استقلال المنتبذ القصي من طرف كبريات شركات التنقيب وصناعة النفط في العالم مثل آجيب الإيطالية وتكساكو الأمريكية، وطالها المسح الزلزالي من عام 1970 إلى عام 1974، وفي 1974 أعلنت شركة” تكساكو” أنها اكتشفت بئر "بولاك" باحتياطي ضخم من الغاز الطبيعي، ثم توقف المشروع وذكر أن الجزائر كانت وراء توقفه، لأنها لا تريد دولة نفطية منافسة في الجوار أولا ولتأثير ذلك عى احتياطيها ثانيا.
وفي عام 20055 وقعت شركة “توتال” الفرنسية، وهي إحدى خمس شركات نفطية كبرى ناشطة في المنتبذ القصي، عقدين مع الحكومة الموريتانية لتقاسم الإنتاج النفطي يخصان المقطعين “تي.إيه 7″ و”تي.إيه 8” في المنطقة، وقامت شركة “توتال” الفرنسية بأعمال حفر علي بعد 100 كيلومتر شرق مدينة ودان، وظهرت نتائج مشجعة لبئر “توتال ” إلا أنها انسحبت، وقالت صحيفة (Le Monde) الفرنسية إن حفريات شركة توتال أعطت آمالا كبيرة في وجود هذه الاحتياطات النفطية، معللة عدم استغلالها بالتكاليف الكبيرة للاستغلال، ثم جاءت شركة “ريبسول” الإسبانية لتواصل التنقيب في مقاطع من “لمرية” شمالي تگانت.
 حظيت صحراء لمرية باهتمام خاص من الرئيس العراقي الراحل صدام حسين وسعى لإقامة قاعدة عسكرية فيها نهاية الثمانينيات وتحدثت المخابرات الغربية عن نية العراق إقامة مفاعل نووي ومصنع للأسلحة الكيمياوية في صحراء لمريه، وأثار الأمر هلع أوروبا خاصة مع غزو صدام للكويت ودق طبول الحرب، وانضمام أوروبا للتحالف الذي تقوده أمريكا، وتحدثت الصحف الغربية عن صواريخ تحمل رؤوسا كيمياوية بامكانها أن تصل إلى أوروبا نصبت على منصات متحركة في صحراء لمرية، وعبرت الحكومة الإسبانية برئاسة فيليب غونزاليس لولد الطايع عن قلقها حيال الأمر، ومن الطريف والشيء بالشيء يذكر أنه أثناء حرب الخليج الأولى 1991 تداولت الناس طرفة وهي أن الأقمار الاصطناعية الغربية رصدت الكثير من منصات إطلاق الصواريخ في أغلب مقاطعات انواكشوط وأنها تنصب ليلا وتسحب نهارا، وعند تقصي الأمر تبين أنها عربات الحمير “شاريتات” عندما يتم فك ربطها بالحمير ليلا.
في سنة 19999 قال الكاتب الصحفي عبد الباري عطوان في “القدس العربي” إن إسرائيل حولت صحراء لمريّه إلى مقبرة لنفاياتها النووية وهو ما لم يقدم عليه دليلا فهددت حكومة ولد الطايع بمقاضاته أمام المحاكم الدولية.
 ويرى المراقبون أن أكبر التحديات التي ستواجه استخراج النفط في المنطقة تتمثل في قربها من المناطق التي يقيم فيها تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي معسكراته، ويربط خبراء دوليون تنامي نشاط القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي ومجموعات مسلحة أخرى بسعي الجزائر -غير المباشر- إلى إرهاب المستثمر الأجنبي حتى من التفكير في نفط موريتانيا الواعد، ويجزم البعض أن القاعدة تعمل بقيادة جزائرية صرفة ومخترقة على نطاق واسع من قبل أجهزة المخابرات الجزائرية لدرجة أن الصلات المشبوهة بين الجماعة السلفية الجزائرية للدعوة والقتال سابقا، والتي غيرت تسميتها إلى القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي، لم تعد سرا.
 تعرف صجراء لمرية بأنها خاصرة المنتبذ القصي الرخوة، فيسهل إتيانه من قبلها، وقد أنشأت السلطات الموريتانية في المنطقة قاعدة عسكرية سنة 2009 ودشن الرئيس قاعدة ومطارا في لمرية بمناسبة عيد القوات المسلحة 25 نوفمبر، مع حلول الذكرى 55 لعيد الاستقلال 2015 وقال وزير الدفاع إن إنشاء هذه القاعدة المتقدمة للجيش الوطني، يدخل في اطار السياسة الامنية التي انتهجها رئيس الجمهورية من أجل تأمين حدودنا الوطنية ورفع جاهزية قواتنا المسلحة الوطنية في هذه المنطقة التي ظلت مهجورة منذ الاستقلال، وأضاف أن قاعدة لمريه بمنطقة تيارت الواسعة، تتوفر على مجموعة من المنشآت اللوجستية المتقدمة لدعم حضور القوات المسلحة في حدودنا الوطنية، مشيرا إلى أن المنطقة كانت منطلقا للعمليات الإرهابية التي استهدفت الجيش الوطني في العقود الماضية كما كانت ملاذا لجماعات التهريب والعصابات المسلحة. 
 وتم انشاء هذه القاعدة على بعد مئات الكلومترات من وادان أقرب نقطة دعم وأكثر من مائتي كلمترا من لمغيطي، وتمتد أنشطتها على طول 250 كلمترا في منطقة وعرة، تتخللها كثبان رملية وصخيرات و لا يوجد بها سكان ولا نقاط مياه، باستثناء الآبار الارتوازية الثلاث الموجودة في القاعدة.
وقال الرئيس محمد ولد عبد العزيز لقناة (TV55) الفرنسية: لقد استحدثنا منطقة أمنية تشمل جميع المنطقة الشمالية بالإضافة إلى وضع مجموعة محددة من نقاط العبور وإقامة نظام بيومتري لتحديد من يدخل ومن يخرج من البلاد، كما أن الاعتماد أصبح على وحدات التدخل الخاص التي تتميز بالقدرة على التحرك بسرعة عوضا عن الوحدات التقليدية ذات التسليح الثقيل.
 نهنئ الرئيس والقوات المسلحة والشعب على هذا الإنجاز العظيم، وقد بدا ولد عبد العزيز في مؤتمر صحفي بنواذيب منزعجا من المحللين وتحليلاتهم، ورغم ذلك يرى المحللون أن ثمة إنجازا موازيا، وهو تقارب المنتبذ القصي مع الجزائر في صفقة سرية لم يطلع المحللون على تفاصيلها، لكن من نتائجها أن الجزائر صفدت شياطينها عن المنتبذ القصي فلا امغيطي جديد ولا تورين والحمد لله، لكن بالمقابل سيتخلى المنتبذ القصي عن التنقيب في المنطقة فلاتنقيب ولا حديث عن النفط ولا عن الغاز.
 فهل كذب المحللون ولو صدقوا ؟

كامل الود

نقلاعن صفحة المبدع / Sidimohamed Sidi Mohamed .