إعلانات

ضابط سامي بالجيش الموريتاني .. يكتب تأبينا للاستاذ محمد يحظيه ولد ابريد الليل

جمعة, 15/01/2021 - 17:09
مقدم بحري  / أحمد ولد حسنه

فَلَا غَرْوَه أنْ طَابَتْ صَنَائِعُ مَاجِدٍ @@ وَ مَاءُ الْعُودِ مِنْ حَيْثُ يُعْصَرُ*

لا أدري من أين أبدأ في تأبين هذا الطود الشامخ في سماء السياسة و الثقافة و الفكر ... فقد بدأ حياته في عالم الصحافة و لكن بلغة موليير و جان جاك روسو و جاك بيرك و جان پول سارتر و البير كامو و جان جينيه و سيمون دي بوفوار ... وعندما ولج السياسة كان مثل هرم خوفو جبلا لا يتزحزح عن مبادئه و أفكاره وقيمه العربية التي تشبع بها رغم ثقافته الغربية و لغته اللاتينية التي قرأ بها مبادئ البعث و فكر القومية العربية التي أعطى للمؤمنين بها في هذه الربوع دفعا قويا بإخلاصه و صدقه و نزاهته ... تعرض للسجن و الظلم من طرف أنظمة الطغيان و الجهل و التخلف ... لم يستطيعوا فهم أفكار مثقف يؤمن بكرامة الإنسان و حقه في الخبز و الدواء و التعليم ... حقه في الحياة على أرض تملك كل مقومات الحياة .
و عندما تولى مسؤوليات عامة كان مثال الإطار الكفئ النزيه ... الذي يعرف ما لقيصر لقيصر و ما لله لله .
كان كتوما صبورا رزينا ... رجل دولة بكل المعايير ومع ذالك لم يقدر أحد خصاله النادرة لأن الدولة لا رجال لها في هذه الربوع ، يفكر و ينظر و يقترح ... بل مجموعة من المنافقين و المطبلين و المرتزقة ... الذين لاهم لهم سوى التملق و التزلف من اجل كسب مصالح ذاتية ضيقة .
و عندما كتب بقلمه السيال كان مؤرخا و مفكرا و منظرا استيراتيجيا لهذه الدولة التي قابلته بالجحود و التجاهل و النسيان ... فكان رحيله خسارة كبيرة و رزءا ما بعده رزء .
الرحمة لروحه الطاهرة و لجسمه الذي انهكته الزنازين و سجون انظمة البؤس التي تعاقبت على هذه البلاد المشؤومة مثل أهلها ، حيث لا مكان لمن خدمها و لا تقدير لمن ضحى من أجلها ومثال الرائد الشهيد أسويدات ولد وداد مازال قريبا و الأستاذ المختار ولد داداه و العلامة محمد سالم ولد عدود و محمد ولد مولود ولد داداه ... غيرهم من الرجال والنساء الذين كانوا يحلبون ناقتهم في الغدير كما يقال في المثل الحساني .
ان الأمم الراقية تكافئ أبطالها و قادتها و زعمائها و علمائها و شعرائها و فنانيها ... بتخليد ذكراهم في شوارعها و مدارسها و ساحاتها...
إن ذكراك خالدة في قلوب ذويك و أقربائك وأهلك وكل من عرفوك و نهلوا من معينك و تجربتك و فكرك و ثقافتك .. واقول لك كما قال الشاعر أبو عمرو أشجع بن عمرو السلمي :
*مَضَى إبْنُ سَعِيدٍ حِينَ لَمْ يَبْقَ مَشْرِقٌ @@ وَ لاَ مَغْرِبٌ إلاَّ لَهُ فِيهِ مَادِحُ @@ وَ مَا كُنْتُ أدْرِي مَا فَوَاضِلُ كَفِّهِ @@ عَلَى النَّاسِ حَتَّى غَيَّبَتْهُ الصَّفَائِحُ @@ فَأصْبَحَ فِي نَجْدٍ مِنَ الأرْضِ ضَيِّقٍ @@ وَ كَانَتْ بِهِ حَيًا تَضِيقُ الصَّحَاصِحُ @@ فَمَا أنَا مِنْ رُزْءٍ وَ إنْ جَلَّ جَازِعٌ @@ وَ لاَ بِسُرُورٍ بَعْدَ مَوْتٍكَ فَارِحُ @@ كَأنْ لَمْ يَمُتْ حَيٌ سِوَاكَ وَ لَمْ تَقُمْ @@ عَلَى أحَدٍ إلاَّ عَلَيْكَ النَّوَائِحُ @@ سَأبْكِيكَ مَا فَاضَتْ دُمُوعِي وَ أنْ تَفُضْ @@ فَحَسْبُكَ مَنِّي مَا تَكِنُّ الْجَوَانِحُ @@ لَئِنْ حَسُنَتْ فِيكَ الْمَرَاثِي وَ ذِكْرُهَا @@ فَقَدْ حَسُنَتْ مِنْ قَبْلُ فِيكَ الْمَدَائِحُ*

المقدم البحري
*أحمد ولد حسنه*
بير أم أگرين
15 يناير 2021م